للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نستحب له أن يتصدق بدينار إن جامع في إقبال الدم، وبنصف دينار إن جامع في إدباره، لورود الخبر بذلك. وهذا القول هو المذكور في الكتاب.

والقديم: أنه يلزمه غرامة كفَّارة لما فعل، ثم فيها قولان:

أحدهما: يلزمه تحرير رقبة بكل حال لمذهب عمر -رضي الله عنه-.

وأشهرهما: أنه إنْ وطئ في إقبال الدم فعليه أن يتصدق بديناروإن كان في إدباره فعليه أن يتصدق بنصف دينار لما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ أتى امْرَأَتَهُ حَائِضاً فَلْيَتَصَدَّقْ بدِينَارٍ وَمَنْ أتَاهَا وَقَدْ أَدْبَرَ الدَّمُ فَليَتَصَدَّقْ بِنِصْفِ دِينَار" (١). ثم الدِّينار الواجب أو المستحب مثقال الإسلام من الذَّهب الخالص يصرف إلى الفقراء والمساكين، ويجوز أن يصرف إلى واحد، وعلى قول الوجوب إنما يجب ذلك على الزوج دون الزوجة وما المراد بإقبال الدم وبإدباره؟ فيه وجهان:

أحدهما: وبه قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني: أنه ما لم ينقطع الدم فهو مقبل، وإدباره أن ينقطع ولم تغتسل بعد، ويدلُّ عليه ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال "إِذَا وَطْئِهَا فِي إِقْبَالِ الدَّمِ فَدِينَارٌ وَإِنْ وَطِئَهَا فِي إِدْبَارِ الدَّمِ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ وَقَبْلَ الْغَسْلِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ دِيْنَارٍ" (٢).

وأشهرهما: أنَّ إقباله أوَّله وشدته وإدباره ضعفه وقربه من الانقطاع، وهذا هو الذي ذكره في الكتاب، حيث قال ثم إن جامعها والدم عَبيطٌ تصدَّق بدينار إلى آخره، ويدل عليه ما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا وَقع الرجل بِأَهْلِهِ وَهِيَ حَائِضٌ إِنْ كَانَ دَمًا أَحْمَرَ فَليَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ، وَإِنْ كَانَ أَصْفَرَ فَلْيَتَصَدَّق بِنِصْفِ دِينَار" وليكن قوله: "اسْتِحْبَاباً" معلماً للقول الذي حكيناه وبالألف؛ لأن عند أحمد يجب عليه دينار أو نصف دينار؛ لأنه روي في بعض الرِّوايات "فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَار أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ" وهذه الرواية مما يستدَلُّ بها على أن هذا الأمر للاستحباب؛ لأن التخيير بين القَدْرِ المعين وبعضه في الإيجاب لا معنى له فهذا إذا وطئ عامدًا عالماً بالتحريم، وإن وطئها ناسياً أو جاهلاً بتحريم وطء الحائض، أو بأنها حائض فلا شيء عليه.


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٣٠، ٢٧٢) وأبو داود (٢٦٤) والنسائي (١/ ١٥٣) وابن ماجة (٦٤٠) والدارمي (١١١٧) وابن الجارود (١١١) والحاكم (١/ ١٧١) والبيهقي (١/ ٣١٤) قال ابن الملقن قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، وهو كما قال: لا كما رد عليه ابن الصلاح، ثم النووي لا جرم، صححه ابن القطان وهو الإمام المدقق، وله طرق غير هذا ضعيفة، انظر الخلاصة (١/ ٧٩).
(٢) انظر التلخيص (١/ ١٦٤ - ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>