للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو سعيد المتولِّي الوجهَيْن على أن الردَّ بالعيب يرفع العقْد منْ أصله، أو من حينه إن قلْنا: بالأول، فهو للمشتري، وكأنَّ الإجارَةَ، لم تكُنْ، وإن كان من حِينِهِ فللبائع؛ لانَّهُ لا يوجَدُ عنْد الردِّ ما يُوجِبُ الحقَّ للمشتري (١)، قال: لو تَقَايَلاَ الإجارَةَ، فإن جعلْنا الإقالة عقْداً فَهِيَ للبائع، وإن جعْلناها فَسْخاً، فكذلك على الصَّحيح؛ لأنَّها ترفع العقُد من حينها لا محالة، وإذا حَصَلَ الانفساخُ رُجَع المستأجر بأجرةِ بقيَّة المدة على البائع.

قال القاضي ابْنُ كج: ويُحْتَمَلُ أنْ يقالَ: يرجعُ على المشتري، وليكنْ هذا مُفَرَّعاً على أنَّ المنفعةَ تَكُونُ للمشتري؛ لأنَّه رضي بالمبيع ناقصَ المَنْفعة، فإذا حَصَلَتْ له المنفعة، جاز أن يؤخَذَ منه بدَلُها، والقولان في بَيْع المُسْتأَجَر يجريان في هبته، وتجوزُ الوصيَّة به. ولو باعَ عيْنَاً، واستثنى لنفسه منفعتَهَا شهْراً أو سنَةً، ففيه طريقان:

أَحَدُهُما: ويُحْكَي عن ابن سُرَيْجٍ: أنَّه على القولَيْن في بَيْع الدَّار المُسْتأجرة؛ لأنه إذا جاز ألاَّ تكونَ المَنَافعُ للمشتري مدَّة بل يكونُ للمستأجر، كذلكَ جازَ أن تكون للبائع ويدُلُّ على الجواز أن جابراً -رضي الله عنه- باعَ في بَعْض الأسْفَارِ بَعِيراً مِنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أَن يَكُونَ لَهُ ظَهْرَهُ إِلَى المَدِينةِ (٢).

والثاني: القَطْعُ بالمَنْع؛ لأن إطلاق البَيْع يقتضِي دخولَ المنافع الَّتي تَمَلَّكَهَا البائعُ في العقْد، والاستشناء غير مقتضاه، فيمنع منه، وفي بَيْع المستأجر لَيْسَت المنافع مملوكة للبائع، وأيضاً، فإِنَّ استشناء المنفعة اشتراطُ الامتناع من التَّسليم الذي هو مقتضَى العَقْد، فلا يُمْكِن أن يقدَّم كون البائع نائباً عن المُشْتَرِي في اليد والقبْض، لكنْ يجوز أن تُقَام يدُ المستأجر مُقَام يد المشْتَري، ويُقَال: إنَّهُ يملك المال لِنَفْسِه بالإجارة، وللمالك ملْكُ الرقبة. والأظْهَر المَنْعُ، سواءٌ ثبت الخلاف أم لا.

ويجوزُ أنْ يُعْلم لفظُ الخلاف في الكتاب بالواو للطريقة الأُخْرَى.

وقوله: "مأخوذ من جواز بَيْع المستأجر" [صريحٌ في أنَّ الخلاف في جواز الاستثناء مبنيٌّ على الخلاف في صحَّة بيع المستأجر] (٣) وكذلك ذكَره المعْظَم وزاد القاضي أبو الطَّيِّب في "شرح الفروع" فقال: تجويز الاستثناء مبنيٌّ على الوجه الذي يقول: إنَّ المنفعةَ عنْد الفَسْخِ تعُودُ إلى البائع.


(١) لم يصرح المصنف بترجيح قال في الخادم: قضية البناء المذكور ترجيح مقالة أبي زيد، وهو ما رجحه القاضي الحسين وللإمام والروياني، وقال ابن الرفعة: إنه الذي يظهر ترجيحه، لكن صحح النووي فيما إذا أجر عبده ثم أعتقه ثم فسخ المستأجر الإجارة بالعيب أن المنافع ترجع إلى العتيق لا إلى السيد.
(٢) في ب: المدة.
(٣) سقط في: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>