للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا شيء للرادِّ. هذا ظاهر النَّصِّ، وفيه الخلاف المذكورُ فيما إذا دَفَع ثوباً إِلى غَسَّالٍ ليغسله، فغسَله، ولم يجْرِ للأُجَرة ذكر.

ولا يشترط أن يكون الملتزمُ مَنْ يقع العمَلُ في ملكه، بل لو قال غيرُ المالك: مَنْ ردَّ عبْدَ فلان، فله كذا، استحقَّه الرادُّ عليه؛ ووجِّه ذلك بأنه التزمه، ولَيْسَ كما إذا التزم الثَّمَنَ في بيْعِ غيره، والثوابَ علَى هبة غيره؛ لأنَّه عِوَضُ تمليك، فلا يُتصوَّر وجوبُه عَلَى غير مَنْ حَصَلَ له المِلْكُ، والجُعْلُ ليْسَ عوضَ تمليكٍ، ولو قال فضوليٌّ: قال فلان: مَنْ ردَّ عبْدي، فله كذا، لم يستحقَّ الرادُّ على الفضوليِّ؛ لأنَّه لم يلتزمْ، وأمَّا المالكُ، فإن كذبَ الفضوليُّ عليه، فلا شيء عليه [أيضاً، وكان مِنْ حقِّه الرادِّ أنْ يثبتَ، وإن صَدَق. قال في "التَّهذيب": يثْبُت الاستحقاقُ علَيْه، وكان هذا] (١) فيما إذا كان المخبر ممن يعتمد على قوله، وإلاَّ، فهو كما لو رَدَّ غير عالم بإذنه والتزامه (٢)، ولا فَرْقَ في صيغة المالِكِ بيْن أن يقولَ: منْ ردَّ عبدي، وبيْن أن يقولَ: إنْ ردَّه إنسانٌ، أو إن ردَدتُة، أو: رُدَّه، ولك كذا.

قَالَ الغَزَالِيُّ: الثَّانِي: العَاقِدُ. وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ الإِجَارَةِ، وَلاَ يُشْتَرَطُ تَعِيينُ العَامِلِ لِمَصْلَحَةِ العَقْدِ وَكَذَلِكَ لاَ يُشْتَرَطُ القَبُولُ (و) قَطْعاً.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: يلتزم الجُعْلِ ينبغي أنْ يكونَ مُطْلقَ التصرُّف، وإليه أشار بقوله: "وشُرطه أهليَّةُ الإجارة" وإنّما خَصَّ الإجارةَ بالذكر؛ لأنَّها أشْبَه بالجعالة من البَيْع وغيره؛ لأنَّ كلَّ واحدةٍ منْهما مقابلةُ منفعةٍ بمالٍ، والعاملُ يجوز أَنْ يكون شخْصاً معيَّناً، أو جماعةً معيَّنينَ، ويجوزُ إلاَّ يكونَ كذلك، وقد بان مثالُ القسْمَيْن في الفصْل السابق، وإنَّما احْتُمِلَ إبهامُ العامِل؛ لأنَّ ردَّ الآبق وما في معناه قدْ لا يتمكَّن منه معيَّن، ومن يتمكَّن [منه] ربما لا يكون حاضرًا، وربَّما لا يعرفُه المالكُ، فإذا أطْلَق الاَشْتِراط، وشاع ذلك يسارع من يتمكَّن منه إلى تحصيل العوض (٣)، فاقتضتَ مصلحةُ العقدْ احتماله، ثم إذا لم يكُنِ العاملُ معيَّناً، فلا يُتَصَوَّرُ للعقْد قَبولٌ، فإنْ كان معيَّناً فلا يُشْترَط قبولُه أيضاً على المشْهور، ويكْفي الإتيانُ بالعمل.

وقال الإمامُ: لا يمتنع أنْ يكونَ كالوَكِيل في اشْتِراط القَبُول.

فيجوز أنْ يُعْلَمَ لذلك قولُه في الكتاب: "لا يُشْتَرط القَبُولُ" بالواو، وقولُه:


(١) سقط في: ب.
(٢) قال النووي: لو شهد الفضولي على المالك بإذنه، قال: فينبغي أن لا تقبل شهادته؛ لأنه متهم في ترويج قوله. وأما قول صاحب "البيان": مقتضى المذهب قبولها، فلا يوافق عليه.
(٣) في د: الغرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>