للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"وكذلك" أراد لرعاية مِصْلحة العقْد، وليشترطْ عنْد التعْيين أهليةُ العمل في العامل (١).

قَالَ الغَزَالِيُّ: الثَّالِثُ العَمَلُ وَهُوَ كُلُّ مَا يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولاً فَإِنَّ مَسَافَةَ رَدِّ العَبْدِ قَدْ لاَ تُعْرَفُ، وَلاَ يُشْتَرَطُ (ز) الجَهْلُ بَلْ لَوْ قَالَ: مَنْ خَاطَ ثَوْبِيِ أَوْ مَنْ حَجَّ عَنِّي فَلَهُ دِينَارٌ اسْتُحِقَّ (ز) لأَنَّهُ إِذَا جَازَ مَعَ الجَهْلِ فَمَعَ العِلْمِ أَوْلَى، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ إلاَّ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: ما لا يجوز الإجارةُ علَيْه من الأعمال لكونه مجهولاً تجوز الجَعَالةُ عليه؛ لأنَّ مسافةَ ردِّ الآبق قد لا تعرف فتدْعُو الحاجة إلى احتمال الجَهَالَةِ فيه، كما لا تدْعُو إلى احتمالها في العامِلِ، وإذا كنا نحتمل (٢) الجهالةَ في القِراضِ؛ لتحصيل زيادة، فَلأَنْ نحتملها في الجعالة أولَى.

وأمَّا ما تجوز الإجارة عليه، ففي جواز الجَعَالَةِ عليه وجهان، سبق ذكرهما في الحج، والأصَحُّ: الجوازُ، وقدْ ذكرنا هناك ما يقتضي إعْلامَ قوله: "ولا يُشْتَرَطُ الجَهْلُ" بالزاي، وكذا قوله: "اسْتحق".

ولو قال: من ردَّ على مالِي، فله كذا، فردَّه عليه مَنْ كان في يَدِه، نُظِرَ، إن كان في ردِّه كلفةٌ ومؤنةٌ؛ كالعبد الآبق، استحق الجُعْل، وإنْ لم يكنْ كالدراهم والدنانير، فلا، لأنَّ ما لا كلفةَ فيه، لا يُقَابَلُ بالعِوَض.

ولو قال: من دلَّني عَلَى مالي، فدَلَّه مِنَ المالُ في يده، لم يستحقَّ الجُعَلْ؛ لأنَّ


(١) قال في الخادم: والظاهر أن المراد بأهلية العمل القدرة عليه، فلو لم يكن قادراً كالعاجز الضعيف الذي يغلبه أنحبد على نفسه لا يصح عقد الجعالة معه؛ لأن كمال منافعه معدومة فأشبه استئجار ما لا منفعة فيه.
وقضية كلام الشيخ أنه إذا لم يكن معيناً لا يشترط ذلك حتى لو رده صبي أو سفيه استحق المسمى وقد اضطرب كلام الماوردي في مسألة الصبي فقال هنا لو قال: من جاء بعبدي الآبق فله دينار، فمن جاء به استحق من رجل أو امرأة أو صبي أو عبد صغير أو كبير عاقل أو مجنرن إذا كان قد سمع النداء أو علم به لدخولهم في عموم قوله "من جاء به". انتهى.
وهذا يؤيد إطلاق الشيخ. قال الزركشي: إلا أن في دخول المجنون في الخطاب نظراً لا يخفى، وقال الماوردي في كتاب السير: إن الصبى لو سمع النداء ورد لم يستحق، وكذا العبد إذا قام به بغير إذن م في سيده، ولو رده بإذن سيده استحق السيد. قال في المطلب بعد إيراد كلام المارودي: والأشبه أنه في العبد لا يستحق سيده، وإن دخل في الخطاب؛ لأن العبد لا يجوز له الرد لأنه تصرف في منافعه المملوكة بغير إذن سيده وإذا لم يجز لم يصح العقد معه كما لو أجر نفسه بلا إذن.
(٢) في ز: وإلا احتمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>