للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثَّاني: كالتَّوْكيل بالاحتطاب والاستقاء (١).

ولو قال لواحدٍ: إِنْ رددَّته، فلك كذا ولآخر: إن رَددتَّهُ، فلك كذا، ولثالثٍ: إن رددَّته، فلك كذا، فاشتركوا في الردِّ.

قال الشافعيُّ رضي الله عنه لكلِّ واحدٍ منْهم ثلثُ ما جعل لهُ اتَّفقتِ الأجْعَالُ أو اختلَفَتْ. قال المَسْعُودِيُّ: وهذا إذا عَمِل كلُّ واحدٍ منهم لنَفْسه، أمَّا إذا قال أحدُهُم: أَعَنْتُ صاحِبِي، وعمِلْتُ لهما، فلا شَيْءَ لهُ، ولكلِّ واحدٍ منْهُما نِصْفُ ما شَرَطَ له، ولو قال اثنانِ: عَمِلْنا لصاحِبَنا، فلا شيْءَ لَهُمَا ولَهُ جميعُ المَشْروط له، ثم في الحُكْم بأنِ لكلِّ واحدٍ منْهما الثُلُثَ تصريح بالتوزيع على عددِ الرؤوس، وعلى هذا فلو ردَّه اثنان منْهم، فلكلِّ واحدٍ منْهما نِصْفُ المَشْرُوطَ له وإن أعانهم رابعٌ في الردِّ، فلا شَيْءَ لَهُ، ثم إنْ قال: قَصَدتُّ العملَ للمَالِك فلكلِّ واحدٍ من الثلاثةِ رُبُعُ المَشْروط له.

وإنْ قال: أعَنْتُهُمْ جَمِيعاً، فلكلِّ واحدٍ منْهم ثُلُثُ المشْروُط، كما لو لم يكنْ معهم غَيْرُهُمْ. وإن قال: أَعَنْتُ فُلاَناً، فلَهُ نِصْفُ المشْرُوط له، ولكلِّ واحدٍ منَ الآخرين رُبُعُ المَشْروط له، وعلَى هذا القياس؛ لو قال: أَعَنْتُ فلاناً فلاناً، فلكلِّ واحدٍ منهما رُبُعُ المَشْروط له وثمنه، وللثَّالث رُبُعُ المَشْروط له.

ولوْ قالَ لواحدٍ: إنْ رددته، فلك دِينارُ، وقال لآخر: إن رَدَدتَّه، أرخيتك، أو فلَكَ ثُوْبٌ فردَّه، فللأوَّل نِصْفُ الدينارِ، وللثانِي نِصْفُ أُجْرَةِ المثْل (٢).

قَالَ الغَزَالِيُّ: أَمَّا أَحْكَامُهَا فَالجَوَازَ مِنَ الجَانِبَينِ كَالقِرَاضِ وَجَوَازُ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ قَبْل فَرَاغِ العَمَلِ وَوُجُوبُ اسْتِحْقَاقِ الأُجْرَةِ عَلَى تَمَامِ العَمَلِ حَتَّى لاَ يَسْتَحِقُّ بِالبَعْضِ البَعْضَ، بَلْ لَوْ مَاتَ العَبْدُ عَلَى بَابِ الدَّارِ أَوْ هَرَبَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلاَ حَقَّ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الفَصْلُ الثَّانِي: في أحكام الجَعَالَةِ؛ فمنْها: الجوازُ، فَلِكلِّ واحدٍ مِنَ المالِكِ والعَامِلِ فَسْخُهُ قبلَ تَمام العَمَل، قالَ في "التتمة": لأَنَّ الجَعَالَةَ تُشْبِهُ الْوَصِيَّةَ مِنْ حيْثُ إِنَّها تعليق استحقاق بشَرْط، والرُّجوعُ عن الوصيَّة جائز، فكذلك هاهنا، وبعد تمام العَمَل؛ لا معنى للفسخ ولا أثر له؛ لأنَّ الدَّيْنَ قد لزم (٣)، ثم إن اتَّفقَ الفَسْخُ قَبْلَ


(١) قال النووي: ولو قال: أول من يرد أبقى فله دينار فرده اثنان، استحقا الدينار وستأتي هذه المسألة إن شاء الله تعالى في آخر الطرف الثالث من الباب السادس في تعليق الطلاق.
(٢) قال النووي: ولو قال المعين للثلاثة مثلاً في الصور السابقة أردت أن أخذ الجعل من المالك، لم يستحق شيئاً، وكان لكل من الثلاثة ربع الشروط له.
(٣) العبارة الوافية أن يقال: لأن الجعل قد لزم أو استحقه العامل أو ملكه العامل ملكاً لازماً أو غير ذلك مما يشمل العين والدين. قاله الشيخ البلقيني.

<<  <  ج: ص:  >  >>