للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكروه أنْ يُقَالَ: إذا كَانَ أحدُهُمَا تاجِراً، والآخرُ محتاجاً يقدَّم المحتاج.

ومِن المعادِنِ الظاهرة: المِلْحُ الذي ينعقدُ منَ المَاء، وكذا الجَبليُّ إذا كان ظاهراً لا يحتاج فيه إلَى حفر [ة] وتنحية تراب، والكُحْلُ والجَصُّ والمَدَرُ، وأحجارُ النورة، وفي بعض شروح "المفتاح" عُدَّ المِلْح الجبليّ من المعادن الباطنة.

وفي "التهذيب" عَدَّ الكُحْل والجَصَّ منها، وهما محمُولاَنِ على ما إذا أحوج إظهارها إلى الحَفَرِ، ولو كان بقُرْبِ السَّاحل بقعةٌ لو حفرت وسيق الماء إليها، ظهر فيها المِلْحُ، فلَيْسَتْ هي مِن المعادن الظاهرة؛ لأنَّ المقْصُودَ منْها يَظْهرُ بالعَمَل، وللإمام إقطاعُها.

ومَنْ حفرها وساق الماءَ إلَيْها، وظَهَر المِلْح، مَلَكَها، كما لَوْ أحْيَا مَوَاتاً.

وقولُه في الكتابِ: "والسَّابِقُ إلَى موضعٍ لا يزعج قبْلَ قضَاءِ وَطَرِهِ".

هذا اللفظُّ إنَّما يَنْطَبِقُ على الوجْه الذَّاهِب إِلَى أنَّه يَأْخُذُ بحَقِّ السَّبقِ ما شاء، وفيه ما سبق. وقوله: "أُقْرعَ بينهما أو قَدَّم القاضي" أراد أُقْرعَ في وجه، وقَدَّم القاضي الأَحْوَجَ في وجه.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (أَمَّا الباطِنَةُ) وَهِيَ الَّتي تَظْهَرُ بالْعَمَلِ كَالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، فَإِنْ ظَهَرَ فِي مِلْكِ إِنْسَانٍ بَعْدَ أَنْ أَحْياهُ فَهُوَ مِلْكُهُ، فَإِنْ لَمْ يحيي وَلَكنَّه ظَهَرَ بِعَمَلِهِ فَهَلْ يَمْلِكهُ به؟ فِيهِ قَوْلاَنِ، فَإِنْ قلْنَا: يَمْلِكُ دَخَلَ الإِقْطَاعُ فيه كَالمَوَاتِ، وَلاَ يَقْتَصِرُ مِلْكُهُ عَلَى مَحَلِّ النِّيلَ بَلِ الحُفْرَة الَّتي حَوَالَيْهِ وَيلِيقُ بِحَرِيمِهِ يَمْلِكُهُ أَيْضًا.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الضربُ الثاني: المعادنُ الباطنةُ، وهي الَّتي لا يظهرُ جَوْهرُها إلاَّ بالعملِ والمعالجةِ كالذهبِ، والفضةِ، والفيروزِ، والياقُوتِ، والرَّصَاص، والنُّحَاسِ، والحَدِيد، وسائِر الجواهرِ المبثوثة في طبقات الأرْضِ.

وعن الشيخ أبي محمَّد تردُّدٌ في عدِّ حَجَرَ الحديد ونحوه من المعادن الباطِنَةِ؛ لأنَّ ما فيها من الجوْهَرِ بادٍ عَلَى الحَجَر، والظاهرُ الأولُ؛ لأنَّ الحديدَ لا يُسْتَخرجُ منه إلاَّ بمعاناة، وليس البادي على الحجر عيَّن الحديدِ، وإنَّما هو مخيلته، ولو أظْهَرَ السَّيْلُ قطعة ذهَبٍ، أو أتى بها، التحقَتْ بالمعادن الظاهِرَة.

إذا عُرفَ ذلك، فالمعدن الباطنُ، هل يملك بالحفر والعمل؟ فيه قولان:

أحدُهُمَا: وَيُحْكَى عن أبي حنيفةَ -رضي الله عنه- نعم, لأنَّهُ غيرُ مَمْلُوكٍ لا يُتَوصَّلُ إلى منفعته إلاَّ بمعالجةٍ ومُؤْنةٍ، فأشْبَهَ المَوات إذا أُحْييِ.

والثاني: لاَ، كالمعادنِ الظاهرةِ، وليس كإحياء المَوَات؛ لأنَّه إذا أحيا، ثَبَتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>