للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنْ اثْنَانِ فصاعداً، أخذ كُلُّ واحِدٍ [منهم] ما شاء، فإنْ قَلَّ الماءُ أو ضاق المَشْرَعُ قَدِّم السَّابق، فإنْ جَاءَا معاً، أُقْرِعَ بينهما، وإن أراد واحدٌ السَّقْي، وهناك من يَحْتَاجُ إلَيْه للشُّرْب، فالثانِي أَوْلَى، قاله في "التتمة"، ومَنْ أخَذَ منه شيئاً في إناء ملكه، ولم يكنْ للغير أَن يزاحِمَه فيه كما لو احتشَّ أو احتطب، وفي "النهاية" وجهٌ آخرُ أنَّه لا يملكُ لكنَّه أولى به من غيرِه. والمذْهَبُ الأوَّلُ، وإنْ دخل شيْءٌ منه مِلْكَ إنسان بسَيْل، فليس لغيره أخْذُه، ما دام فيه الامتناع الدُّخُول في ملْكِ الغَيْرِ بغَيْر إذْنِهِ، لكن لو فعل فيملكه أم للمالِك استرداده؟ فيه وجهان:

أصحُّهما: الأوَّلُ، فإذا خَرَجَ منْه، أخَذَهُ من شاء.

وإذا أراد قَوْمٌ سَقْيَ أراضِيِهِمْ مِنْ مثْلِ هذا المَاءِ, فإنْ كَانَ النَّهْرُ عظيماً يفي بالكُلِّ سقَى من شاء منْهمِ، مَتَى شاء (١)، وإن كان الماءُ صَغيراً، أو كان الماء يَنْسَاق من الوادي العظيمِ في ساقِيَةٍ غَيْرِ مملوكةٍ، بأن انخرقَتْ بنَفْسِها، فيَسْقِي الأوَّل أرضَهُ، ثم يُرْسِلْه إلى الثَّاني، ثم إلى الثَّالث؛ لما رُوِيَ عن عُبَادَةَ ببن الصَّامتِ - رضي اللهُ عنه - أنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَضَى في الشُّرب "أنَّ لِلأَعْلَى أَنْ يَسْقِيَ قَبْلَ الأَسْفَلِ ثم يُرْسِلَ إلَى الأَسْفَلِ، ولا يَحْبِسِ الْمَاءَ في أَرْضِهِ" (٢).

والمشهورُ أنَّه يحبُسُ حتى إلى أنَّ يبلغَ الكعبَيْن؛ لما رُوِيَ في حديثِ عُبَادةَ أنَّه يجعلُ الماء إلى الكَعْبَيْن لما روي عن عمرِو بن شعيْب عن ابْنِهِ عَنْ جَدِّهِ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَضَى في السَّيْلِ أَنْ يُمْسِكَ حَتَّى يَبْلُغَ إلى الكعبين، ثُمَّ يُرْسِلَ الأعْلَى إِلى الأسْفَلِ" (٣)،


= الماء، والكلأ، والنار ورواه أبو نعيم في معرفة الصحابة في ترجمة أبي خداش قال الحافظ في التلخيص ولم يذكر الرجل، وقد سئل أبو حاتم عنه فقال: أبو خداش لم يدرك النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو كما قال، فقد سماه أبو داود في روايته: حبان بن زيد وهو الشرعبي، وهو تابعي معروف.
(١) قال في الخادم: كذا أطلقا وهو فيما إذا كان لكل أحد ساقية يرسلها منه إلى أرضه متى شاء، أما لو كان مخرج الماء منه واحداً لا يمكن السقي منه إلا مرتباً فلا، بل الحكم كما سيأتي من تقديم الأول فالأول، وإلا فيصير مستحق التقديم متأخر نوبته.
(٢) رواه ابن ماجه (٢٤٨٣) والبيهقي والطبراني.
وقال الحافظ في التلخيص: وفيه انقطاع.
(٣) رواه، أبو داود (٣٦٣٩)، وابن ماجه (٢٤٨٢) من هذا الوجه بلفظ: قضى في السيل المهزور، ورواه الحاكم في المستدرك من حديث عائشة أنه قضى في سيل مهزور ومذنب: أن الأعلى يرسل إلى الأسفل، ويحبس قدر الكعبين، قال الحافظ في التلخيص وأعله الدارقطني بالوقف، ورواه ابن ماجه من حديث ثعلبة بن أبي مالك، ورواه عبد الرزاق في مصنفه عن أبي حازم القرظي عن أبيه عن جده.
مهزور بتقديم الزاي المضمومة على الراء وادي بالمدينة، ومذنب اسم موضع بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>