للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العِوَضَ ينبغي أنْ يكونَ مَعْلُوماً. قال في "الشَّامِل": فلَيْسَ هذا كما لو شَرَط جزءاً من الربح والثمرة في القراضِ أو المساقاة: لأنَّه جعل عوضَ العمل ههنا جزءاً من الأصْل، فهو كما لو شَرَطَ للعاملِ جزءاً منْ رَأْسِ المَالِ. ولو قال: مهما (١) استخرجْتَهُ، فلك منه عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، لم يَصِحَّ أيْضاً؛ لأنَّه ربما يحصل هذا المقدار.

قَالَ الغَزَالِيُّ: أَمَّا المِيَاهُ فَثَلاَثَةٌ مُحْرَزٌ في الأَوَانِي فَهُوَ مِلْكٌ (و) كَسَائِرِ الأَمْلاَكِ يَصِحُّ (و) بَيْعُهُ، وَعَامٌّ لَمْ يَظْهَرْ بِعَمَلٍ وَلاَ يَجْرِي بِحَفْرِ نَهْرِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَأْخُذَ سَاقِيَةً مِنْهُ فَيَجْرِي المَاءُ إِلَى أَرْضِهِ، وَلِلأَعْلَى أَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ إِلَى الكَعْبِ (و) وَيَلْزَمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُسَرِّحَهُ إِلَى الأَسْفَلِ وَقِيلَ: لاَ يَلْزَمُهُ (و)، فَإنْ تَعَلَّى وَاحِدٌ وَأَخَذَ سَاقِيَةً وَقَطَعَ المَاءَ عَنِ الْكُلِّ مُنِعَ لأَنَّهُمْ بِإِحْيَاءِ الأرْضِ اسْتَحَقُّوا مَرَافِقَهَا وَالمَاءُ مِنَ المرافِقِ فَيُمْنَعُ مِنْ إِحْدَاثِ مَا لَمْ يَكُن.

قَالَ الرَّافِعيُّ: الفصل الثاني: في المياه، وهِيَ قِسْمَان:

أحدُهُمَا: المياهُ المبَاحَةَ، وهِيَ الَّتي تَنْبُعُ في مواضعَ لا تَخْتَصَّ بأحَدٍ، ولا صنع للآدمِييِّن في إنباطِهِ وإجرائه كماءِ "الفُرَات" و"جيحون" وسائِرِ أودية العَالَم، والعُيُون في الجِبَالِ، وسُيُولِ الأمطارِ، فالناس فيها سواء على ما رُوِيَ عن رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ قال: "النَّاسُ شُرَكَاءُ في ثَلاثَةٍ: في المَاءِ وَالنَّارِ وَالْكَلأِ" (٢).


(١) في د: فما.
(٢) رواه، ابن ماجه (٢٤٧٢) من حديث ابن عباس بلفظ: المسلمون قال الحافظ في التلخيص: وفيه عبد الله بن خراش متروك، وقد صححه ابن السكن، [ورواه الخطيب في الرواة عن مالك، عن نافع عن ابن عمر، وزاد: والملح قال الحافظ في التلخيص وفيه عبد الحكم بن ميسرة رواية عن مالك وهو عند الطبراني بسند حسن عن زيد بن جبير عن ابن عمر كالأول]، وله عنده طرق أخرى، ولابن ماجه (٢٤٧٣) من حديث أبي هريرة بسند صحيح: "ثلاث لا يمنعن: الماء، والكلاء، والنار، ولأبي داود من حديث بهيسة عن أبيها أنَّه قال: يا رسول الله ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: الماء، ثم أعاد فقال: الملح، وفيه قصة قال الحافظ في التلخيص: وأعله عبد الحق، وابن القطان بأنها لا تعرف، لكن ذكرها ابن حبان وغيره في الصحابة، ولابن ماجه من حديث عائشة أنها قالت: يا رسول الله ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: "الماء، والملح، والنار" -الحديث.
قال الحافظ في التلخيص: وإسناده ضعيف، وللطبراني في الصغير من حديث أنس: "خصلتان لا يحل منعهما: الماء، والنار" قال الحافظ في التلخيص: قال أبو حاتم في العلل: هذا حديث منكر، وللعقيلي في الضعفاء عن عبد الله بن سرجس نحو حديث بهيسة، وروى أبو داود في السنن. وأحمد في المسند من حديث أبي خداش أنه سمع رجلاً من المهاجرين من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: غزوت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثاً أسمعه يقول: المسلمون شركاء في ثلاث:

<<  <  ج: ص:  >  >>