للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداها: يجوز وقْفُ العَقارِ والمَنْقُول، كالعَبيد، والثياب، والدوابِّ، والسلاح، والمَصَاحِفِ، والكُتُب (١). وعن مالك: أنَّ المَنْقُوَلَ مطْلَقاً لا يجُوزُ وَقْفُهُ.

لَنَا: ما رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "أمَّا خَالِدٌ، فَقَدْ حبسَ أدرعه واعتده (٢) في سَبِيلِ اللهِ" (٣). وأيضاً فالمسلمُونَ متَّفِقون عَلَى وَقْف الحُصُر، والقَنَادِيل، والدلالي في جميع الأعْصَار، ولا فَرْقَ بيْن المفرز والشائع، بل يجُوز أن يَقِفَ نصْف دارٍ ونصْفَ عبْدٍ (٤).

وقَف عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عنْه- مائة سهْمٍ من خَيْبَر مَشَاعاً (٥).


= مطلقاً، وإن له ذلك، ويحكى عن الشيخ أبي حامد منعه، قال: والصحة في الجهة العامة أولى من العين، ونقل عزة عن الفارقي في القطع بالمنع.
(١) في ز: زيادة قوله وعن أبي حنيفة أنَّه لا مدخل للوقف في الحيوانات.
قال الشيخ جلال الدين البلقيني: وقف الكتب تناول صورتين إحداهما: أنه توقف على طلبة العلم ينتفعون بمطالعتها، وأن توقف على مكان للبيع وينتفع ذلك المكان بأجرتها، والأول صححه بعضهم والثانية لم يقع، فلو وقع يجوز أن يظهر الجواز لأن هذه نفعة يستأجر لها.
(٢) قال الحافظ في التلخيص: قوله: واعتده بضم التاء المثناة فوق جمع عند بفتحين وهو الفرس الصلب أو المعد للركوب.
(٣) رواه البخاري (١٤٦٨) ومسلم (٩٨٣).
(٤) قال في الخادم: ما أطلقه من صحة وقف المشاع قيده ابن الرفعة بما يمكن الانتفاع به مع الإِشاعة، أما ما لا يمكن، كوقف نصف من دار أو أرض مسجد فالذي يظهر أنه لا يصح إذا قلنا: القسمة بيع، فإن قلنا: إنها إفراز، ولم نجوز قسمة الوقف، لم يجز أيضاً، وإن جوزناه فيشبه أن يأتي في صحته إذا قلنا: بالإجبار على القسمة احتمال من وقف الدار بشرط أن يتخذ منها حلي ينتفع به الأرامل؛ لأن الانتفاع في الحال غير ممكن إلا بإحداث شيء، قال الزركشي: ويؤيده ما في فتاوى ابن الصباغ الذي جمعه ابن أخته إذا كان له حصة في أرض مشاعة وهي لا تقسم، فجعلها مسجداً، لم يصح ذكره في الكامل، لكن قيل إن كلام الشامل في باب الشفعة يقتضي الصحة، وبه صرح ابن الصلاح في فتاويه وبأن قسمتها واجبة وصرح أيضاً بتحريم المكث فيها للجنب قبل القسمة، وعلله بالاحتياط وما قاله من وجوب القسمة، قيل: إن خلاف المذهب يعني في قسمة الوقف من الطلق، لكن القمولي قال لا ينبغي أن يخرج صحته على الخلاف في جواز قسمة الوقف من الطلق وما قاله من تحريمه على الجنب قبل القسمة خالف البارزي وقال: يجوز ما لم يقسم كما يجوز للمحدث حمل المصحف مع أمتعة؛ وهو ضعيف؛ لأن تجويز حمل المصحف محله إذا كان المقصود هو الأمتعة، ونظر مسألتنا أن يكون كل منهما مقصوداً، فلا يجوز فيما ذكره من وجوب القسمة وتحريم المكث نظر، والوجه أن يقال: إن وقف الأكثر مسجداً حرم المكث فيه على الجنب، وإن كانت الحصة الموقوفة مسجداً مساوية للباب أو أقل، جاز المكث كما يجوز لبس الذي نصفه حرير ونصفه كتان، وكما يجوز للجنب والمحدث حمل التفسير الذي نصفه قرآن، مع أن القرآن أعظم حرمة من المسجد، فهذا جاز مس ما بعضه قرآن، فلأن يجوز المكث فيما بعضه مسجد أولى.
(٥) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>