للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحَّ الوَقْفَ علَيْه، وإذا عَتَقَ، كان له دونَ سيده.

وعلَى هذا قال صاحب "التَّتِمَّة": إذا وقَفَ عَلَى عبد فلانٍ، وقلنا: إنَّ العبد يُمَلَّك بالتمليك، فيصحُّ الوقْفُ عليه، ويكون الاستحقاقُ متعلِّقاً بكونه عبْدَ فلانٍ حتى لو باعه، أو وهَبَهُ، زال صفةُ الاسْتِحْقَاق، ولك أن تقولَ: الخلافُ في أنه، هلْ يملك بخصوصِ ما إذا ملكه السَّيِّد؟ فأمَّا إذا ملَكَه غَيْرُه، فلا خِلاَف في أَنَّهُ لا يملك، وحينئذٍ، فإذا كان الواقِفُ غيْرِ السيِّد، كان الوَقْفُ عَلَى من لا يملك، فأيُّ معنىً لقولنا: لو ملكه السيد. لملك. وأمَّا إذا أطلق الوقْفَ عليه، فهو وقْفٌ على السيِّد، كما لو وهب منه، أو أوصَى، وإذا شرطْنا القبول، جاءَ فيه الخلافُ في أنَّهُ، هل يستقلُّ بقبول الهبة والوصية أم يحتاج إلَى إذن السيِّد؟ وقد مرَّ في مداينة العبيد.

ولو وقف على مكاتب هل يستقل بقبول الهبة والوصية أم يحتاج إلى إذن السيد، قال الشيخ أبو حامد: لا يجوز كما لو وقف على القنِّ، وفي "التتمة": أنا نصحِّح الوقْفَ في الحال، ونصْرِف الفوائد إليه، ونُدِيم حكمه، إذا عتَق، إنْ أطْلَق الواقِف، وإنْ قال: تُصْرَف الفوائد إليه، ما دام مكاتباً، بَطَل استحقاقه، وإن عجز، بان لنا أنَّ الوَقْفَ منقطعُ الابتداء. ولو وقَف على بهيمة وأطلق، فهلْ هو كالوقْفِ على العَبْد، حتى يكون وقْفاً عَلَى مالِكِها؟ فيه وجهان:

أصحُّهما: لا؛ لأنها ليَسَتْ أهْلاً للمِلْك بحال، وهذا كما أنَّه لا يجُوزُ الهبةُ منها، والوصيَّةُ لَهَا.

والثاني: نعم، كما لو وقف علَى العَبْد، وهذا ما اختارَهُ القاضي أبو الطيِّب [الطبري] في "المجرد" وذكر أنَّهُ ينفق علَيْها منْه ما بَقِيَتْ؛ وعلَى هذا، فالقَبُول لا يكون إلا من المالك، وفيما إذا أضاف إلى العبد؛ أصحُّ الوجهين: أنه لا يصح القبول من السيِّد؛ لأن الخطابَ لم يَجْرِ معه.

وحكى أبو سعيد المتولِّي فيما إذا قال: وقفتُ عَلَى علف بهيمة (١) فلانٍ، أو علف بهائم القَرْية وجْهَيْن؛ على ما ذكرنا في صورة الإطلاق. قال: والخلافُ فيما إذا كانت البهيمَةُ مملوكةً.

أمَّا إذا وقف على الوُحُوش، أو علَف الطُّيور المباحَةِ، لم يصحَّ بلا خلاف (٢).


(١) في د: بها لم.
(٢) التصريح بنفي الخلاف لم يصرح به المتولي نعم اقتضاه كلامه، وما ذكره المتولي يقتضي منع الوقف على حمام مكة، أعني الحمام البري بالحرم، لكن كلام الوسيط ظاهر في أنه يصح جزماً وهذا يقدح في نفي الخلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>