للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَصْرَفِ، وَلَوْ آجَرَ المُتَوَلِّي الوَقْفَ عَلَى وَفْقِ الْغِبْطَةِ في الحَالِ فَظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ لَمْ يُفْسَخْ علَى الأَقْيَس (و).

قَالَ الرَّافِعِيُّ: في الفصْل ثلاثُ مسائل:

المَسْألَة الأوُلَى: نفقةُ العْبِد والبهيمةِ الموقُوفَيْنِ منْ حيثُ شرْطُ الواقفِ، فإن لم يذكُرْ شَيْئاً، فالنفقةُ في الأكساب وعوض المنافع، فإن لَمْ يكُنِ العبدُ كَسُوباً، أو تعطَّل كَسْبُهُ، ومنافعه لزمانه أو مرض، أو لم يفِ كَسْبُه بنفقته، فيُبْنَى عَلَى أقوالِ المِلْك، إنْ قلْنا: للموقُوفِ عليه فالنفقةُ عليه.

وإن قلْنا: إنَّه لله -تعالَى- ففي بَيْت المال كما لو أعْتَقَ عَبْداً لا كَسْب له، وإن قلنا: للواقِفِ، فهي علَيْه؛ فإذا ماتَ، فَهِيَ في بيْت المال؛ لأنَّ التركة انتقلَتْ إلى الورثة، والوقْفُ لم ينْتَقِلْ إليهم، فلا يلزَمُهم مؤنَتُه، قاله في "التتمة" وقياسُ قوْلنا: إن رقبة الوقْف للواقِفِ انتقالها إلَى ورثته، فإذا مات العبد فمؤنة تجهيزُه كنفقته في حيَاتِهِ.

أمَّا العَقَارُ الموقُوفُ، فعمارته من حَيْثُ شرط الواقف، فإنْ لم يشرط شيئاً، فمن غلته فإنْ لم يحصل منه شيْءٌ، لم يجب، على أحدٍ عمارَتُهُ، كالمِلْكِ الخالِصِ بخلاف الحيوانِ تصان روحُهُ.

المَسْألةُ الثانية: لَوِ اندَرَسَ شرْطُ الوقْفِ، ولم يعرف مقادير الاستِحْقاق، أو كيفيَّةُ الترتيب بيْن الأرباب، قسمت الغلَّةُ بينهم بالسَّوِيَّة (١)، إذ ليس بعضُهُمْ أولَى بالتقديم والتفْضِيلِ منْ بعْضٍ. وحكَى بَعْضُ المتأخِّرين أنَّ الوَجْهَ التَّوقُّفُ إلَى اصطلاحهم، وهو القياسُ، ولو اختلَفَ أربابُ الوقْف في شرط الوقف ولا بينة جُعِلَتِ الغَلَّةُ بينهم بالسَّوِيَّة، فإنْ كان الواقفُ حَيّاً، رجَعْنا إلى قوله، كذلك ذكره صاحبُ "المُهَذَّبِ" و"التَّهْذِيبِ".

ولو قيل: لا رُجُوعَ إلَيْه، كما لا رجوعَ إلَى قول البائع عند اختلاف المشتريين في كيفيَّة الشراء لما كان بعيداً (٢).

المسالةُ الثَّالِثَةُ: للواقِفِ، ولِمَنْ ولاَّه الواقِفُ إجارة الوقف، وإذا لم ينصب


(١) قال في الخادم: ما أطلقوه من التسوية لا بد فيه من قيدين:
أحدهما: ألا تكون العادة فيه قاضية بالتفضيل، فلو كانت لم يسو قطعاً كالمدرس والطالب.
الثاني: ألا يوجد اصطلاح سابق، فلو اندرس شرط الواقف فيه المدرسة ووجد من النظار السابقين تعزيز شيء اتبع؛ لأن الظاهر استناد تصرفهم إلى أصل.
(٢) قال النووي: الصواب: الرجوع إليه، والفرق ظاهر. وقولهم: جعل بينهم، هو فيما إذا كان في أيديهم، أو لا يد لواحد منهم. أما لو كان في يد بعضهم، فالقول قوله. قال الغزالي وغيره. فإن لم يُعرف أرباب الوقف، جعلناه كوقف مطلق لم يذكر مصرفه، فيصرف إلى تلك المصارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>