للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواقفُ للتولية أحداً، فالخلافُ فيمن له التوليةُ قدْ مرَّ.

فإن قلْنا: إن المتولِّي الحاكمُ، فهو الذي يُؤَجَّر.

فإنْ قلْنا: إنَّهُ للموقوف علَيْه؛ بناء على أن الملك له ففي تمكينه (١) من الإجارَةِ وجهان. قال في "التتمة": المذْهَبُ فيهما التمكين، فإنْ كان: الوقف على جماعةٍ اشترَكوا في الإجَارَة، فإنْ كان فيهم طفلٌ قامَ وليُّهُ مَقَامَهُ.

والثاني: المنْعُ؛ لأنَّهُ ربَّما يمُوتُ في المدَّة، فتبين أنَّه يصرف في حقِّ الغير، فإن كان الواقِفُ قدْ جعل لكلِّ بطْنٍ منهم الإجارة، فلهُمُ الإجارةُ لا محالَةَ، وكانَ ذلك تفويضاً للتولية إلَيْهم، إذا عَرَفْتَ ذلك، فإذا أَجَّر الموقوف عليه بحكم الملك، وجوَّزنا، فزادَتِ الأجرةُ في المدة، أو ظهر طالبٌ بالزيادة، لم يتأثَّر العقدُ به، كما لو أجَّر ملْكَه المطلق، وإنَّ أجَّر المتولِّي بحقِّ التولية، ثم حَدَثَ ذلك، فكذلك الجوابُ عَلَى أصحِّ الأوجه؛ لأنَّ العقْدَ حين جرَى كان على وجه (٢) الغِبْطَة، فأشبه ما إذا باع وَلِيُّ الطِّفلِ مالَهُ، ثم ارتفعَتِ القيمةُ بالأسْوَاق، أو ظهر طالبٌ بالزيادة.

والثاني: أنَّهُ ينْفَسِخُ العقْدُ؛ لأنَّه تبين وقوعُه عَلَى خلاف الغِبْطة في المُسْتقبل.

والثالث: إنْ كانت الإجارةُ سَنَةٌ فما دونها، لم يتأثَّر العَقدُ، وإن كانَتْ أكثرَ، فالزيادةُ مردودةٌ، وهذا ما أورده أبو الفَرَجِ الزَّاز في "الأمالي".

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ تعَطَّلَ المَوْقُوفُ وَبقِيَ لَهُ أَثَرٌ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ البَاقِي هُوَ الضَّمَانَ بِأَنْ قُتِلَ العَبْدُ فَيُشتَرِي بِهِ المِثْلُ وَيُجْعَلُ وَقفاً، وَإِنْ لَمْ يوجَدْ عَبْدٌ فَشِقْصُ عَبْدٍ، وَقِيلَ: إِنَّهُ يُصْرَفُ مِلْكاً إِلَى المَوقُوفِ عَلَيْهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: تعطُّلُ الموقوفِ، واختلالُ منافِعِه يُفْرَضُ من وجهَيْنِ:

أحدُهُمَا: أن يَحْصُلَ بسببِ مضمونٍ، كما إذا قُتِلَ العبْد الموقوفُ، ولا يخْلُوا قتله؛ إما إلاَّ يتعلَّق به القصَاصُ أو يتعلَّق:

أمَّا القِسْمُ الأوَّل؛ فينظر في القاتلِ، أهو أجنبيٌّ أو الموقوفُ عليه أو الواقفُ؟

الحالةُ الأُولى: إذَا قتَلَه أجنبيٌّ، فعليه قيمتُهُ، لبقَاءِ الماليَّة فيه؛ كأُمِّ الولد، وفيما يُفْعَلُ بها طريقان:

أحَدُهما: يخرَّج مصرفها عَلَى أقوال الملك، إنْ جعلْنا المِلْكَ لله -تعالَى- فيشتري بها عبداً آخَرَ، ليكون وقْفاً مكانَهُ، فإنْ لم يوجَدْ، فشقْصُ عبْدٍ بخلاف ما إذا


(١) في د: تمكنه.
(٢) في ب: وفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>