للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواداً، ثم خمسة حمرة، ثم صفرة مطبقة، فالحمرة المتوسطة تلحق بالقوي قبلها أم بالضعيف بعدها؟ حكى صاحب الكتاب فيه وجهين:

أحدهما: أنها تلحق بالسَّواد إن أمكن وذلك بأن لا يزيد المجموع على خمسة عشر؛ لأنهما قويان بالإضافة إلى ما بعدهما، وقد أمكن جعلهما حيضاً فصار كما لو كان كل ذلك سواداً أو حمرة، فإن لم يمكن الجَمْع حينئذ تلحق الحمرة بالصّفرة.

والثاني: اْنها تُلْحَقُ بالصُّفْرة بكل حال؛ لأنها إذا دارت بين أن تلحق بالقوي قبلها، وبين أن تلحق بالضَّعيف بعدها، والاحتياط هو الثاني، فيصار إليه ويحصل من هذا السِّياق إثبات وجهين في حالة إمكان الجمع والجَزْم بالإلحاق بالصُّفْرة في حالة عدم الإمكان، وفي كل واحدة من الحالتين طريقة أخرى سوى ذلك.

أما في حالة إمكان الجمع فقد قطع بعضهم بضم الحُمْرة إلى السَّواد ونفي الخلاف فيه. وأما في حالة عدم الإمكان فقد أثبت بعضهم وجهين:

أحدهما: أن حكم الحمرة حكم السَّواد لقوتها، ولو زاد السواد على خمسة عشر، لكانت فاقدة للتمييز. فكذلك إذا زادت مجموعهما.

وأظهرهما: أن حيضها أيام السَّوَاد لا غير لاختصاصها بزيادة القوي بالأولية أيضاً.

فإن قلت: إنما يكون ما ذكره جزماً بالإلحاق بالصُّفْرَة عند عدم الإمكان إذا كان حكم المستثنى في قوله: "إلا أن تكون الحُمْرة أحد عشر" الإلحاق بالصُّفرة ويحتمل أنه أراد إلا أن تكون الحُمْرَة أحد عشر فتكون فاقدة للتَّمْيِيزِ وهو أْحد الوَجْهَيْنِ المحكيين في الحالة الثانية، وعلى هذا التَّقْدير فيكون ما ذكره إثباتاً للخلاف في الحالتين، فنقول: نعم هذا محتمل لكن إيراده في "الوسيط" يبين أنه أراد ما ذكرناه.

ثم اعلم أن قوله: "إذا أمكن الجمع إلا أن تصير الحمرة [أحد عشر" ليس بجيد من جهة اللفظ؛ لأنه يستحيل أن يكون ذلك استثناء من قوله: "إذا أمكن الجمع"] (١) فإن حالة عدم الإمكان لا تستثنى من الإمكان وإنما هو استثناء من قوله: "يلحق بالسَّواد" وحينئذ في قوله: "إذا أمكن الجمع" ما يغني عن هذا الاستثناء وفي الاستثناء ما يفهم المقصود ويغني عن قوله: "إذا أمكن الجمع" فأحدهما غير محتاج إليه فإن أراد التَّمثيل فالسَّبيل أن نقول، إذا أمكن الجمع بأن لا تزيد الحمرة على أحد عشر، ولو تقدم الأضعف من الضعيفين، وتأخَّر الأقوى منهما كما إذا رأت سواداً، ثم صفرة، ثم حمرة فهذه الصُّورة تترتب على ما إذا كانت الحمرة متوسطة، فإن ألحقناها بالسَّواد، فالحكم


(١) سقط في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>