للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنه يُشْهِدَ عَلَى صِفَاتِها أيضاً، حتى لو مات لاَ يَمْلِكْها الوارثُ، وَيشهِدَ الشُّهُود لِلْمَالِك، وأشارَ الإمامُ إلى توسُّط بيْن الوجهَيْن؛ وهو أنَّهُ لاَ يستوعبُ الصِّفَاتِ، ولكنْ يَذْكُرُ بعْضها؛ ليكونَ في الإشهاد فائدةٌ، هذا، وقولُه في الكتاب "ولِيَعرِّفِ الشُّهُود بَعْض أوْصَافِ اللُّقَطَةِ" ويجوزُ إعلامُه بالواو؛ للوجه الأوَّل.

وقوله: "واحتمل أن يكونَ إرْشَاداً واستِحْباباً، واحْمَل أن يكون إيجاباً،" هذا هو الوجه، وفي أكثر النسخ، "فاحتمل أنْ يكونَ بطريقِ الإرْشَادِ، واحتمل أنْ يكونَ اسْتِحْبَاباً" هكذا يوجد في أكثر النُسَخ، وليس بصحيح في هَذَا الموضِعِ، وإنْ كان بينهما فرقٌ إلاَّ أن يُقَالَ المعْنَى بطريق الإرْشَاد إلَى رعاية الواجِب، لكنَّهُ بَشع وقولُه: "ففيه خِلاَفٌ" يجوزُ أن يُعْلَمَ بالواو؛ لأنَّ أبا الفَرجِ السَّرْخَسِيَّ حَكَى طرِيقَةً قاطعةً بنَفْيِ الوُجُوب واللهُ أعلمُ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: أَمَّا المُلْتَقِطُ فَهُوَ كلُّ حُرٍّ مُسْلِم مُكَلَّفٍ عَدْلٍ لأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الأَمَانَةِ وَالوِلاَيَةِ وَالكَسْبِ، وَالأَصَحُّ أَنَّ الكَافِرَ أَهْلٌ لِلالْتِقَاطِ في دَارِ الإِسْلاَمِ كَالاحْتِطَابِ، وَفِي أَهْلِيَّةِ الفَاسِقَ وَالعَبْدِ وَالصَّبيِّ قَوْلاَنِ (و) لفَوَاتِ أَهْلِيَّةِ الوِلاَيَةِ وَالأَمَانَةِ، وَفَائِدَة المَنْعِ أنَّهُمْ لاَ يَتَمَلَّكُونَ، وَتَكُونُ فِي أَيْدِيهِمْ مَضْمُونَةً، وَلَعَلَّ الأَصَحَّ أنَّهُمْ يَتَملَّكُونَ لأَنَّ أَخْبَارَ اللُّقَطَةِ عَامَّةٌ، فَعَلَى هَذَا؛ القَاضِي إمَّا أَنْ يَنْتَزِع (ح و) منْ يَدِ الفَاسِقَ عَلَى أَحَدَ الوَجْهِيْنِ، أَوْ يُنَصَبّ (ح و) عَلَيْهِ رَقِيباً كَمَا يَرَاهُ إِلَى أن تَمْضِيَ مُدَّةُ التَّعْرِيفِ.

قَالَ الرَّافِعيُّ: الركْنُ الثَّانِي: المُلْتَقِطُ، وبناءُ الكَلامِ فيه عَلَى أصْلٍ؛ وهو أنَّ اللُّقَطَةَ فيها تعني الأَمَانَةَ والوِلاَيةَ والاكْتِسَابَ.

أمَّا الأمانةُ والوِلايةُ، ففي الابتداء، فإنَّ سبيلَ المُلْتَقِطِ في مدة التعريف سبيلُ الأُمَنَاءِ لا يضمَنُ المال إلاَّ بتَفْرِيط، والشَّرْعُ فَوَّضَ إلَيه حِفْظَه كالوليِّ يحفظ مالَ الصبيِّ.

وأمَّا الاكتسابُ، ففي الانتهاءِ منْ حيثُ إِنَّ له التَمَلُّكَ بعْد التَّعْرِيف، وما المغلَّب؟ فيه وجهان، وَيُقَالُ: قولان (١):

أَحَدُهُمَا: معنى الأمانةِ والوِلاية؛ لأنهَّا نَاجِزَةٌ والتَّمَلُّكُ منتظر فيُنَاطُ الحكمُ بالحَاضِر، وُيُبْنَي الآخرُ علَى الأوَّلِ.

والثَّانِي: مَعْنَى الاكْتِسَابِ؛ لأنَّه مالُ الأمْرِ ومقصودُه، فالنَّظرُ إلَيْه أوْلَى؛ لأنَّ


(١) قال في الخادم: وكلاهما يعني الشيخين فيه مضطرب فإنهما حكما بصحة التقاط الفاسق والصبي والمجنون وشبهاه باحتطاب الصبي واصطياده، وهذا تصريح تغليب الاكتساب ثم حكما بترجيح منع التقاط العبد وهو تصريح بتغليب الولاية، ولعل لذلك أطلقا الخلاف من غير ترجيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>