للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَنْعُ، وقياسُ كلامِ الجُمهور سُقُوطُهُ.

الثالثة: ألا يَأْخُذَهُ، ولا يُقِرَّهُ، بل يُهْمِلَهُ وُيعْرِضَ عنْه، فروايةُ المُزَنِيّ أن الضمانَ يتعلَّقُ برقبة العَبْدِ، كما كان، ولا يُطَالَبُ به السَّيِّدُ في سائر أموالهِ؛ لأنَّه لا تَعدِّيَ منْه، ولا أثَرَ لعلمه، كما لو رأى عبده يُتْلِفُ مالاً، فلم يَمْنَعْهُ منه، وروايةُ الرَّبيع تعلقه بالعَبْد، وبجميع أموال السَّيِّد؛ لأنَّه مُتَعَدٍّ بتركة في يدِ العَبْدِ، وَعَكَسَ الإمامُ وصاحبُ الكتاب في "الوسيط" فَنَسَبَا الأوَّلَ إلَى رواية الربيع، والثَّانِي إلَى رواية المُزَنِيِّ، والمُعْتَمَدُ المشهور (١) الأوَّل، ثم اختلَفُوا فيهما عَلَى أربعة طُرقٍ.

قال الأكثرون: المسألَةُ على قولَيْن: أظهرُهُمَا؛ عَلَى ما ذكره الرُّويانِيُّ وغيرُه تَعَلُّقه بالعَبْد، وسائر أقوالِ السَّيِّدِ؛ حتى لو هلَكَ العبدُ لا يَسقُطُ الضَّمان، ولو أفْلَسَ السَّيدُ، تقدم صاحبُ اللُّقطَةَ في العَبْد عَلَى سائر الغرماء.

ومَنْ قال به، لم يسلِّم عدم وجوب الضَّمانِ فيما إذا رأى عَبْدَه يُتْلِفُ مالًا، فلم يَمْنعْهُ. وعن أبي عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ حَمْلُ منقولِ المُزَنِيِّ عَلَى ما إذا كان العبْدُ مُمَيِّزاً، وحمل منقول الرَّبِيعِ عَلَى ما إذا كان غَيْرَ مُمَيِّزٍ.

وقَطَعَ بعضُهُمْ بما رواه المُزَنِيُّ، وآخَرُون بما رواه الرَّبِيعُ، وبه قال أبو إسحاقَ، وغَلَّطُوا المُزَنِيَّ في النَّقْل، واستشْهَدُوا بأنَّهُ رَوَى في "الجامع الكبير" كما رواه الرَّبيعُ، فأشعر بغفلته هاهنا عن آخر الكلامِ.

أمَّا إذا قلْنا بصحَّة التقاطِهِ، وهذا الطريق هو المذكور في الكِتابِ، فيصحُّ تعريفه، كما يصحُّ التقاطُهُ، وليْسَ له بعْدَ التَّعْرِيفِ أنْ يتمَلَّكَه لنَفْسِه، وله التملُّك للسَّيِّد بإِذْنه، وأمَّا بغَيْر إذْنه، فقد حَكَى المُصَنِّفُ فيه خلافاً، وأراد به طريقَيْن، أشار إليهما الإمامُ:

أحَدَهُمَا: أنَّه على الوجْهَيْن في أنَّه هَلْ يصحُّ اتهابه دون إذْن السَّيِّدِ، أو على القولَيْن في شرائه بغير إذْنٍ.

والثاني: القَطْع بالمَنْع، بخلاف الهبة، فإنَّها لا تَقْتَضِي عِوَضاً، وبخلاف الشراء، فإنَّا إن صَحَّحْنَاهُ، عَلَّقنا الثَّمنَ بذمَّةِ العبدِ، وهاهنا يبْعُد ألاَّ يُطَالِبَ مالكُ اللُّقَطَةِ السَّيِّدَ المتملِّكَ؛ لأنَّه لم يَرْضَ بذمَّةِ العَبْدِ، والأصحُّ المنعُ، سواءٌ ثبت الخلافُ أم لا.

وعلَى هذا، فَعَنْ بعضِ الأصحاب أنَّهُ لا يصحُّ تعريفه دُون إذْن السِّيد أيضاً، والأصحُّ إلْحاقُ التعريفِ بالالتقاط، كما مَرَّ.

قال الإمامُ: نعَمْ، إنْ قلْنا: انقضاءُ مُدّة التعريف يوجبُ المِلْكَ، فيجوزُ أن يُقَالَ:


(١) في ب: المستفيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>