للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَيِّتٌ إِلاَّ الشُّعُورَ المُنْتَفِعَ بِهَا فِي المَفَارِشِ وِالمَلاَبِسِ فَأَنَّهَا طَاهِرَةٌ بَعْدَ الجَزِّ لِلحَاجَةِ.

قال الرافعي: عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ" (١).

فالأصل فيما بان من الحي النجاسة، ويستثنى منه شعر المأكول المَجْزُوز في حياته، فهو طاهر للحاجة إليه في الملابس ولو قدر قصر الانتفاع على ما يكون على المُذَكَّى، لضاع معظم الشعور.

وفي معنى الشعور الرِّيشُ، وَلصُّوفُ وَالوَبَرُ، وقد قيل: في قوله تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} (٢): إن المراد إلى حين فَنَائِهَا هذا فيما يبان بطريق الجَزِّ، وفي النَتْفِ وَالتَّاثُرِ وجهان: والأصح: إلحاقها بالجز.

وعلى هذا فقوله في الكتاب: "فإنها طاهرة بعد الجز" ليس مذكورًا ليكون قيدًا في الطهارة، وعلى الوجه الآخر يمكن جعله قيدًا.

واعلم أن ظاهر قوله فكل ما أبين من حي فهو ميت، إلا الشعور المنتفع بها، لا يمكن العمل به لا في طرف المستثنى، (ولا في طرف المستثنى منه؛ أما المستثنى فلأنه يتناول جملة الشعور المَجزُوزَةِ، والطهارة مخصوصة بشعر المأكول، وأيضًا) (٣) فلأنه يتناول الشعر المبان على العضو المبان من الحيوان، وأنه نجس في أصح الوجهين.


(١) أخرجه الحاكم من حديث سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن جباب: أسنمة الإبل وأليات الغنم فقال: (ما قطع من حي فهو ميت) ذكر الدارقطني علته، ثم قال والمرسل أصح، ورواه الدارمي وأحمد والترمذي وأبو داود والحاكم من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن زيد بن أسلم عن أبي واقد الليثي. قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة وبها ناس يعمدون إلى أليات الغنم وأسنمة الإبل فقال: (ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة) لفظ أحمد ولفظ أبي داود مثله، ولم يذكر القصة، ورواه ابن ماجه والبزار والطبراني في الأوسط من حديث ثام بن سعد، عن زيد بن أسلم عن ابن عمر فاختلف فيه على زيد بن أسلم قال البزار بعد أن أخرجه من طريق المسورين الصلت عن زيد عن عطاء عن أبي سعيد: تفرد به الصلت، وخالفه سليمان بن بلال فقال: عن زيد عن عطاء مرسلاً كذا قال، وكذا قال الدارقطني، وقد وصله الحاكم كما تقدم، وروى معمر عن زيد بن أسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً لم يذكر عطاء ولا غيره، وتابع المسور وغيره عليه خارجة بن مصعب، أخرجه ابن عدي في الكامل وأبو نعيم في الحلية. وقال الدارقطني: المرسل أشبه بالصواب وله طريق أخرى عن ابن عمر أخرجها الطبراني في الأوسط وفيه عاصم ابن عمر وهو ضعيف، ورواه ابن ماجة والطبراني، وابن عدي من طريق تميم الداري، وإسناده ضعيف، ولفظه قيل: يا رسول الله إن ناسًا يجبون أليات الغنم وهي أحياء فقال: (ما أخذ من البهيمة وهي حية فهو ميتة). انظر التلخيص ١/ ٢٨، ٢٩.
(٢) سورة النحل (٨٠).
(٣) سقط في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>