للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المستثنى منه فلأنه يدخل فيه العضو المبان من الآدمي، ومن السَّمَكِ وَالجَرَادِ، وَمَشِيمَةِ الآدمي، وهذه الأشياء طاهرة على المذهب الصحيح، وكذلك يدخل فيها شعر الآدمي، لأنه غير منتفع به حتى يدخل في المستثنى، وإذا لم يتناوله الاستثناء بقي داخلاً في المستثنى منه ومع ذلك فهو طاهر فظهر تعذر العمل بالظاهر ووقوع الحاجة بالتأويل، ومما ينبغي أن يتنبه له معرفة أن تفصيل الشعور المبانة وتقسيمها إلى طاهر ونجس مبني على ظاهر المذهب في نجاسة الشعور بالموت، فإن قلنا: لا ينجس بالموت فلا ينجس بالإبَانَةِ أيضاً بحال.

قال الغزالي: وَأَمّا الأجزَاءُ المُنْفَصِلَةِ عَنْ بَاطِنِ الحَيَوانِ فَكُلُّ مُتَرَشِّح لَيْسَ لَهُ مَقَرٌّ يَسْتَحِيلُ فِيهِ كَالدَّمْعِ وَاللُّعَابِ وَالعَرَقِ فَهُوَ طَاهِرٌ مِنْ كُل حَيَوَانٍ طَاهِر، وَمَا اسْتَحَالَ فِي البَاطِنِ فَأصْلُة عَلَى النَّجَاسَةِ كَالدَّمِ وَالبَولِ وَالعَذِرَةِ إِلاَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَفِيهِ وَجْهَانِ، وَكَذَا فِي خُرءِ الجَرَادِ وَالسَّمَكِ وَمَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ وَجْهَانِ لِشَبَهِهَا بِالنَّبَاتِ.

قال الرافعي: المنفصل عن باطن الحيوان قسمان:

أحدهما: ما ليس له اجتماع واستحالة في الباطن، وإنما يرشح رشحاً.

والثاني: ما يستحيل ويجتمع في الباطن ثم يخرج، والأول كاللُّعَاب، وَالدَّمْعِ، وَالعَرَقِ فحكمه حكم الحيوان المترشح منه، إن كان نجساً فهم نجس وإنَ كان طاهر فهو طاهر.

سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أَنتَوضَّأُ بِمَا أَفْضَلَتِ الْحُمُرُ فَقَالَ: نَعَم وَبِمَا أَفضَلَتِ السِّبَاعُ كُلُّهَا" (١) حكم بطهارة السُّؤْر وذلك يدل على طهارة اللُّعَاب، "وركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرساً مَعْرُوريًا لأبي طلحة وركضه ولم يحترز عن العرق" (٢).

والقسم الثاني: كالدَّمِ، وَالبَوْلِ، وَالعُذْرَةِ وهذه الأشياءِ: نجسة من الآدمي، ومن


(١) أخرجه الشافعي وعبد الرزاق عن إبراهيم بن يحيى عن داود بن الحصين عن أبيه عن جابر ورواه الشافعي أيضاً من حديث ابن أبي ذئب عن داود بن الحصين عن جابر من غير ذكر أبيه، ورواه أيضاً عن سعيد بن سالم عن إبراهيم بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن أبيه عن جابر، أخرجه البيهقي في المعرفة من طريقه قال البيهقي: وفي معناه حديث أبي قتادة والاعتماد عليه، وفي الباب عن أبي سعيد وأبي هريرة، وابن عمر وهي ضعيفة في الدارقطني، وحديث أبي سعيد في ابن ماجة وحديث ابن عمر رواه مالك موقوفاً عن ابن عمر. انظر التلخيص ١/ ٢٩.
(٢) متفق عليه من حديث أنس وليس فيه لفظ معرورًا ولا معروريًا وفي رواية لهما: عرياً أي ليس عليه أداة ولا سرج، وقد وقعت لفظة معرورًا في حديث غير هذا في قصة رجوعه من جنازة أبي الدحداح. انظر التلخيص ١/ ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>