للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عَرَفْتَ في الباب أنَّ البعير وما في معْنَاه لا يُلْتَقَطُ، إذا وُجِدَ في الصَّحْراء، واستثنى صاحبُ "التخليص" منْه ما إذا وَجَدَ بَعِيراً في أيَّام "منى" في الصَّحْراء مقلداً كما تقلَّد الهَدَايا فحكَى عن نَصِّ الشَّافِعِيّ -رضي الله عنه- أنَّهُ يأخُذُه، ويعرِّفه؛ أيَّام "منَى" فإن خاف أن يَفُوتَهُ وقْتُ النَّحْرِ نَحره، والأَحَبُّ أن يَرْفَعَهُ إلى الحَاكِمِ، حَتَّى يَأْمُرَهُ بِنَحْرِهِ.

قال الشَّارِحُون لكتابه: إنَّه مصدَّقٌ في نقله، لكنَّ من الأصْحَاب من حكى قولاً آخر؛ أنَّه لا يجوزُ أخْذُه عَلَى ما هو قياسُ البَاب، ثم بَنَوْا القولَين على القولَيْن فيما إذا وَجَدَ بدَنَةً منحورةً غَمَسَ ما قلّدت به في ذمتها وضرب به صفحة سنامِها، هل يَجُوزُ الأكْلُ منْها؟ فإنْ منَعْنَا الأكْلَ منعنا الأخذ ههنا وإنْ جَوَّزَنَا الأَكْل؛ اعتماداً على العلامة، فكذلك التقليد علامة كون البعير هَدْياً، والظاهرُ أنَّ تَخَلُّفَهُ؛ لضَعْفِه عن المسير، والأُضْحِية المعينة إذا ذُبِحَتْ في وَقْتِ النَّحر، وقع المَوْقع، وإن لم يأذن صاحِبُها.

قال الإمامُ: لكنَّ ذَبَحَ الضَّحِيَّةِ المعيَّنة وإن وقع المَوْقعِ، لا يجوزُ الإقْدَام عليه مِن غير إذن، ثم ههنا جوَّز صاحبُ "التلخيص" فيما نقل، الأخْذ والنَّحْر، ولهذا الإشْكَالِ؛ ذهَب القَفَّالُ؛ تفْريعاً على هذا القول أنَّه يجبُ رَفْعُ الأمْرِ إلى الحاكم؛ ليَنْحَرَهُ، وأَوَّلَ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ -رضي الله عنه- وأحب ما ذكره في المسألة.

ثُمَّ لَك أن تقول: الاستثناءُ غيرُ منْتَظِم، وإنْ قلْنا: إنَّهُ يُؤْخَذُ؛ لأنَّ الأَخْذَ الممنوعَ منه إنما هو الأَخْذُ للتملُّكِ، ولا شَكَّ أنَّ هذا البعير لا يُؤْخَذُ للتملك (١)، والله عزَّ وجلَّ أعْلَمُ بالصواب.

قال حجَّةُ الإِسلامِ قدَّس الله رُوحَهُ:


= وغير محرمة كما سبق بيانه في باب الغصب وحينئذٍ فالشيخ بني ذلك على طريقه فلا يستقيم التفصيل على طريق العراقيين فإن ذلك خلط طريقه بطريقه، ويؤخذ من كلام المهذب أن الخمر المراقة لا يحل أخذها ولا إمساكها بقصد التخليل.
(١) قال النووي: قد سبق في جواز أخذ البعير لآحاد الناس للحفظ وجهان. فإن معناه ظهر الاستثناء. وإن جوزناه وهو الأصح، ففائدة الاستثناء جواز التصرف فيه بالنحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>