للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإشهَادَ ثُمَّ فَهَاهُنَا أولَى، وإلاَّ ففِيهِ الخلافُ.

وحَكَى الإمامُ وَجهاً ثالثًا، وهوَ الفرقُ بينَ أنْ يكونَ ظاهرُ العَدالةِ، فلا يكَلِفُ الإشهَّادَ أو مستورُهَا فيكلف؛ ليَصيرَ الإشْهَادُ قَرِينَةً تَغلِبُ على الظنِ الثقة.

وإنْ أوجَبنَا الإشهَادَ، فلو تَرَكَهُ قالَ في "الوَسِيطِ": لا تَثبتُ لهُ ولايةَ الحَضانة، ويجوزُ الانتزاعُ، وهَذا يشعرُ باختصاصِ الإشهَادِ الوَاجب بابتداءِ الالتِقَاطِ (١)، وإذَا أشهد فَليشْهَد على اللَقيطِ، ومَا مَعَهُ، نَصَ عَليهِ (٢).

الركنُ الثاني: اللَقِيطُ، وقَد ضَبَطَهُ في الكتاب، فَقالَ: كلُ صبى ضائعٍ لا كَافلَ لَهُ، فالتِقَاطُه مِنْ فروضِ الكفايَّاتِ، فيخْرُجْ بقَيدِ الصَّبَيِّ البَالِغ، فإنَّهُ مُستغنٍ عَنَ الحضَّانَةِ والتَعَهُد، فلاَ معنى لالتِقَاطِهِ (٣)، نَعَم لكن الوقوع في مِعرض هِلاك أعين ليتخَلَص، وفي الصَبيِ الذي بَلَغَ سن التمييزِ تَرَددٌ للإمام أحدُ الاحتمالَين: أنَّهُ لا يُلتَقَط؛ لأنَّه كَضَّالةِ الإبلِ في أنَّهُ مُستقل مُمتنعٌ، فلاَ يتولَى أمرَهُ إلاَ الحاكِمُ.

وأوفقُهُما لكلامِ الأَصحَابِ أنَّهُ يُلتَقَطُ لحاجَتِهِ إلى التعهدِ والتربية.

وأمَّا الضائعُ فيجوزُ أنْ يريد بهِ غيرُ المُميزِ؛ لأنَّ المُمَيزُ يتدارَكْ أمرَهُ بتَمييزِهِ، وأمَّا


(١) وقد نوزع في هذا الإشعار بأن المراد أنه لا تثبت له الولاية ما لم يشهد فلا يشعر باختصاص الوجوب بالابتداء قول الوجوب وأن الملتقط ليس متمسكاً بولاية عامة ولا خاصة، وإذا أراد الواجد أن يتصرف تصرف الولاة عند مسيس الحاجة فينبغي أن يشهد على ما فيه حتى يدنو حاله من حال الولاة، ولهذا نظائر مضت وتأتي. قال ابن الرفعة: وأشار بالنظائر إلى هروب الحمال والمساقاة والإنفاق على اللقطة واللقيط.
وقال في البسيط: ومن بوجب الإشهاد يجعله شرطاً حتى يختلف حكم الالتقاط وولاية الحضانة عند قصد الإشهاد، وكأنه يقول: هذه ولاية فلا تثبت ما لم يسند إلى شهادة.
(٢) قال في الخادم: لم يبين أن الإشهاد على ما معه على سبيل الوجوب أو الاستحباب أو يطرقه الخلاف في أصل الالتقاط، والمنصوص عليه في المختصر الوجوب، فقال: إن كان يعني الملتقط ثقة وجب أن يشهد بما وجد له، وأنه منبوذ وأخذه من كلام شيخه البلقيني.
(٣) إطلاق الشيخ البالغ يشمل المجنون.
قال الزركشي: والظاهر أنه كالصبي، ويشهد له قولهم في باب الحضانة أن حكم من به جنون أو خبل له حكم صغير، قال الزركشي قضيته أنه لا نقل عنده صريح في الصبي المميز، لكن كلامه فيما بعد صريح في نقله عن الأصحاب جواز التقاطه، وبه صرح القاضي الحسين هنا، وإليه يشير كلام الماوردي في باب الحضانة أنها تنتهي بسن التمييز وما بعده إلى البلوغ يسمى كفالة، وقال الزركشي أيضاً: إذا قلنا، يجوز التقاطه، أن يكون حضانته للملتقط وليس كذلك، فقد جزم الإمام والغزالي بأنهما للحاكم لا للآحاد فتفطن له.

<<  <  ج: ص:  >  >>