للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحهما: الانفراد؛ لأنَّ الحقَ لهما، فإذا أَسقَطَ أحدُهما حقَه ينتقل إلى الآخرِ، كالشفيعين.

والثاني: المنعُ، كما لو تُرِكَ حقَهُ بعد خروج القُرْعَة، بل يرفع الأمرُ إلى الحاكم حتى يقرَه في يد الآخر إنْ رآه، وله أنْ يختارَ أميناً آخر فيقرع بينه وبين الذي لم يترك حقَه (١). وذكر الإمامُ تفريعاً على الوجه الثاني أن التاركَ لا يتركه الحاكمُ، بل يقرع بينه وبين صاحبهِ، فإن خرج عليه ألزمه القيام بحضانته (٢) بناءً على أن المنفردَ في الالتقاط لا يجوزُ له التركُ، وسيأتي -إن شاء الله تعالى-.

قال الغَزَالِيُّ: ثُمَّ مَنِ الْتَقَطَهُ يَلْزَمُهُ الحَضَانَةُ وَلاَ يَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ عَجَزَ سَلَّمَهُ إلى القَاضِي، فَإِنْ تَبَرَّمَ مَعَ القُدْرَةِ لَمْ يُسَلَّمْ إلَى القَاضِي عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ لأَنَّهُ شَرَعَ في فَرْضِ كِفَايَةٍ فَيَلْزَمُهُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الكلامُ في هذا الموضع إلى آخِرِ البابِ في أَحْكَامِ الالتقاطِ، فَمِنْهَا: أن الَّذِي يَلْزَمُ الملْتَقِطَ حِفْظُ اللَّقِيطِ ورعايتُهُ. فامَّا النفقةُ، فهي غيرُ واجبةٍ عَليْهِ، وسنتكلَّم في أنَّه من أَيْنَ ينفق عليه، فإنْ عجزَ عن الحِفْظِ، لأَمْرٍ عَرَضَ يسلمه إلى القَاضِي، وإن برم به مع القُدْرَة، فوجهان؛ بناءً عَلَى أنَّ الشُّرُوعَ في فروضِ الكفاياتِ، هل يلزَمُ الإتمام، وهل يصير الشارع متعيَناً، وموضِعُ الكلام فيه كتابُ "السِّيَر" والظاهرُ هاهنا أنَّ له التسليمَ إلى القاضي، ورأى القاضي ابنِ كج القَطع بِهِ بَعْدما حَكَى الوجْهَيْنِ (٣).


(١) جعل في التتمة محل الوجهين ما إذا قال مطلقًا: تركت حقي بأن صرح وقال: تركت إلى صاحبي فيسلم إليه ويقر في يده. وكذا جزم بالصحة في هذه الحالة البندنيجي وغيره.
(٢) وهذا قاله الإمام تفقهاً لا نقلاً فقال: الذي يقتضيه القياس على هذا الوجه ... إلى آخره. ثم قال: وقال بعض أصحابنا على هذا الوجه ينصب القاضي أمينًا ويقيمه مقامه، وفي المجرد لسليم وتعليق القاضي الحسين: أنه صار الحق للمتروك له، وهل يحتاج إلى إذن الحاكم وجهان أصحهما لا، وهذا ما أورده القاضي الطبري.
(٣) قال في الخادم: فيه أمور:
أحدها: ما حكاه عن ابن كج رأيته في كتاب التجريد كذلك.
الثاني: هذا الذي وعد به في كتاب السير لم يتحرر منه في الموضع المذكور الصحيح من الخلاف في جميع الصور، فإنه صحح التعيين بالشروع في الجهاد وفي صلاة الجنازة أنه لا يتعين في الاشتغال بالعلم. ولهذا قال البارزي في التمييز هناك ولا يلزم فرض الكفاية بالشروع في الأصح إلا بالجهاد وصلاة الجنازة.
الثالث: سكت عما إذا أراد دفعه لبعض الآحاد فيحتمل أن يمنع كما سبق في اللقطة، ويحتمل خلافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>