قَالَ الرَّافِعِيُّ: غَرَضُ الفصل بيانُ أنَّ اللَّقِيطَ مِمَّنْ ينفق عَلَيْه، ولا يَخْلُو حَالُهُ، إمَّا أن يُوجَدَ له مالٌ، أو لا يُوجَدَ، فإنَّ وُجِدَ، فَنَفَقَتُهُ في مالِهِ، ومالُهُ يَنْقَسِمُ إلى ما يستَحِقُّهُ لعمومِ كَوْنِهِ لقيطاً وإلَى ما يستحقُّهُ بخصوصِهِ.
أمَّا الأَوَّلُ، فكالحاصِلِ من الأوقاف العامَّة على اللُّقَطَاءِ، قال في الكتاب:"هُو ما وُقِفَ على اللُّقَطَاءِ، أو ما وُهِبَ منهم، أو أوصي لهم"، وأُجْرِيَ الهبةُ والوصيَّةُ مُجْرى الوقف من وُقُوعِهِما لِلُّقَطَاءِ عامَّةً، ولم يذْكُرْ في "الوسيط" بِهَذِهِ اللفظة ولكنْ قال: "ومَالُهُ بالوصيَّة لِلَّقِيطِ والوقْفُ عَليْه والهبةُ منه"، وهذا أوضَحُ؛ لأنَّ الهِبَة لغير معيِّن مما تُسْتَبْعَدُ، فيجُوزُ تنزيل ما في الكتاب على ما ذَكَرَهُ هناك، وَيَجُوزُ أن تنزل الجهةُ العامَّةُ بمنزلة المسْجد، حتى يجوزَ تملكها بالهِبَةِ؛ كما يجوزُ الوقْفُ عليها، وحينئذٍ يقبلُهُ القاضي، فإنَّ كان كذلك، فالاستحقاق في الصور الثلاثة بجهةِ كَوْنِهِ لَقِيطاً، وإنْ فرض الوقْفُ عليه خاصَّةً أو الهبةُ أو الوصيَّةُ له، فهو مما يستحقُّهُ بخصُوصِهِ.
وقوله "ويقبله القاضي" يعني ما لِلُّقَطَاءِ مُطْلقاً، وربَّما يُوجَدُ بَدَلَهُ و"قَبِلَهُ القَاضِي" يعني ما وُهِبَ أو أُوصِيَ، وكلاهُمَا جائِزٌ، ومما يستحقُّهُ بخصوصِهِ ما يُوجَدُ تحت يده واختصاصه، فإنَّ للصغيرِ يَداً واختصاصاً كالبالغ، والأَصلُ الحرية، ما لم يعرف غيرها، وذلك كثيابه الملفوفة عليه الملبوسة والمفروشَة تحته، وما غُطِّيَ به من لِحَافٍ أو غيرِهِ، وما شُدَّ عليه، أو عَلَى ثوبه، أو جُعِلَ في جَيْبِهِ من حُلِيٍّ أو دراهمَ وغيرها، وكذا الدابَّة التي توجد مشدودةً علَيْه، والتي عنَانُها بيده أو هِيَ مشدودتين في وسطه أو ثيابه، والمهد الذي هو فيه، وكذا الدنانيرُ المَنْثُورةُ فَوْقَه، والمصبوبة تحته، وتَحْتَ فِرَاشِهِ.
وحَكَى القاضي ابنُ كج وَجْهَيْنِ في التي هي تحْتَهُ، وكذا لوْ كَان في خيمةٍ أو دارٍ لَيْسَ فيها غَيْرُهُ، فهُمَا له، وعَن "الحاوِي" وَجْهَان في البُسْتَان (١)، ولو كان بقربه ثِيابٌ وأمتعةٌ موضوعةٌ أو دابَّةٌ، فوجهان:
(١) كذا أطلقه، والتصوير إذا لم يحكم له بالمكان، فإن حكم له بالأرض فهو له صرح به الدارمي وهو ظاهر، وكلامهم في باب الركاز مصرح به.