للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن مالكٍ اختلافُ روايةٍ، وعلَى هذا؛ فلو أرْتَدَّ، صحَّتْ رِدَّتُه أيضاً، ولكنْ لا يُقْتَلُ، حتى يَبْلُغَ، فإن تابَ، وَإلاَّ، قُتِلَ (١).

وإذا قلْنا بظاهر المَذْهَبِ، فقد نَصَّ الشَّافِعِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّه يُحَالُ بيْنَهُ وبيْن أَبَوَيْهِ وأهله الكفَّارِ؛ خِيفَةَ أن يستَدْرِجُوه، وطمعاً في أن يثبتَ بعد البُلُوغ على ما وصَفَه، فإنْ (٢) وَصَفَ الكُفْرَ بعد البلوغ، هُدِّدَ وطُولِبَ بالإسْلام، فإنْ أَصَرَّ، رُدَّ إليهم، وفي هذه الحَيْلُولَةِ وجهان مَرويَّان في "النهاية":

[و] أحدهما: إيرادُ الكِتاب يقتضي ترجيحَهُ أنَّها محتومة؛ احتياطاً لأمر الإسْلام.

وأشْبَهُهمَا، وهو المذْكُور في "التتمة": أنَّهَا مسْتَحَبَّةٌ، فيستعطف بوالِدَيْهِ لِيُؤْخَذَ منهما، فإنْ أَبَيَا، فلا حيلولةَ، هَذَا في أحكام الدنيا.

وأمَّا فيما يتعلَّق بالآخرَةِ، فَعَنِ الشَّيْخ أبي محمد: أنَّ الأُسْتَاذَ أبَا إسحاقَ قال: إذا أَضْمَرَ الإسْلاَمَ كما أظهره، كَانَ من الفائزين بالجنَّةِ، وإن لم يتعلَّقْ بإِسْلاَمِهِ أحكامُ الدُّنيا، ويعبَّر عنْ هَذَا بأنَّ إِسْلامَهُ صحيحٌ باطِناً لا ظَاهِراً.

قال الإمامُ: وفي هذا إشْكَالٌ؛ لأنَّ من يُحْكَمُ له بالفَوْز؛ لإسلامه، كيف لا يُحْكَمُ بإسلامهِ؟ وقد يُجَابُ عنْهُ بأنه قَدْ يُحْكَمُ بالفَوْزِ في الآخِرَة، وإنْ لم يُحْكَمْ بأحكام الإسْلام في الدُّنيا، كَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعوةُ (٣).


= حين أسلم خمس عشر سنة، فقد ضعفه ابن الجوزي لاتفاقهم على أنه لما مات لم يجاوز ثلاثاً وستين، واختلف فيهما دونها فلو صح قول الحسن لكان عمره ثمانيًا وستين. قلت: قد قيل: إن عمره كان خمسًا وستين، فإذا قلنا بما رواه ربيعة عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقام بمكة بعد المبعث عشر سنين، فيتخرج قول الحسن على وجه من الصحة، وإن كان الأصح غيره، وقال البيهقي: يحتمل أن يكون قول الصبي المميز في أول البعثة كان محكوماً بصحته، ثم ورد الحكم بغير ذلك، وأما على قول الحسن فلا إشكال، وأغرب من ذلك قول جعفر بن محمد عن أبيه أنه لما مات كان عمره ثمانيًا وخمسين سنة، فإن قلنا بالمشهور كان عمره عند المبعث خمس سنين أو ست، وإن قلنا بقول ربيعة عن أنس كان ابن ثمان أو تسع والله أعلم. واحتج البيهقي على صحة إسلام الصبي بحديث أنس: كان غلام يهودي يخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- الحديث- وفيه: أنه مرض فعرض عليه الإِسلام فأسلم، وأخرجه البخاري، وبحديث ابن عمر أنه عرض الإِسلام على ابن صياد وهو لم يبلغ العلم، متفق عليه، وبحديث: مروهم بالصلاة لسبع، أخرجه أصحاب السنن.
(١) قال النووي الحكم بصحة الردة بعيد بل غلط. والله أعلم.
(٢) سقط في: د.
(٣) قال في الخادم: فيه أمران:
أحدهما: اعترض عليه ابن الرفعة بأن قول الإمام من يحكم له بالفوز لإسلامه مخرج هذه الصفة، وأجاب ابن أبي الدم بأن الأستاذ لم يحكم له بالفوز لإسلامه بل لإيمانه، ولا يلزم من الحكم =

<<  <  ج: ص:  >  >>