للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذا أنَّ المُدَعِي يَجِبُ عَلَيهِ ذِكرُ سَبَبِ المِلكِ، بَلْ يَكْفِي الدَّعْوَى.

وقولُهُ "هو ملكي"، ولفظ الكتاب جرى على سبيل الإيضَاح.

وقولُه "فقَدْ قِيلَ: لايكْفي" يجوز أن يُرْقَمَ بالواوِ؛ للطريقة القاطِعَةِ بالاكتفاء، ولفظه "قَبْل" في الأَكْثَرِ يستعمل في وجُوه الأَصْحَابِ، ورُبَّمَا بالغَ فِيهِ الإمَامُ، فإنَّهُ حَكَى الخِلاَفَ في المسْألَةِ وجْهَيْنِ، والأكْثَرون نَقَلُوا قولَيْنِ منْصُوصَيْنِ.

وقولُهُ "إذ القَصْرُ قَطْعُ احتمال الاسْتِنَادِ إلَى ظاهِرِ اليدِ" معناهُ أنَّ التعرُّضَ لِمُطْلَقِ المِلْكِ، إنَّمَا يُكْتَفَ بِهِ؛ خَوْفاً من أن يعتمد الشهودُ اليد.

فإذا أَسْنَدُوهُ إلَى غير اليَدِ، فَقَدْ أَمِنَّا مِنْ ذلكَ، فلا حاجَةَ إلى التَّنْصِيصِ على تَمَامِ سَبَبِ المِلْكِ، ويؤَيِّدُهُ أن قَوْلُ الشُّهود "إنَّهُ ملْكُهُ، ولَدَتْهُ مملوكَتُهُ، جَعَلَهُ في "التهذيب" بمثابة قَوْلِهِمْ "ولَدَتْهُ مَمْلُوكَتُهُ عَلَى مِلْكِهِ" ولم يذكر فيهما خلافاً، وإنَّمَا ذَكَرَ الخِلاَفَ فيما إِذَا قالُوا: وَلَدَتْهُ مَمْلُوكَتُهُ، أو إِنَّهُ وَلَدُ مَمْلُوكَتِهِ.

قال الغَزَالِيُّ: (الرَّابِعَةُ): أنْ يُقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بالرِّقِّ، فَإِنْ كانَ بَعْدَ أنْ أَقَرَّ بِالحُرِّيَةِ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ أن أَقَرَّ بالحُرِّيَّةِ قبِلَ إِقْرَارُهُ، وَإِنْ أَقّرَّ لإنْسَانِ بِالرَّقِّ فأَنْكَرَهُ فأَقَرَّ لِغَيْرِهِ فَالنَّصُّ أنَّهُ لاَ يُقبَلُ للثَّانِي لأَنَّهُ كَالمَحْكُومِ بِحُرِّيَتِهِ يُرَدُّ إقْرَارَهُ الأَوَّلُ، وَالقَوْلُ المُخَرَّجُ أنَّهُ يُقْبَلُ، كَمَا لَوْ أَنْكَرَتِ المَرْأَةُ الرَّجْعَةُ ثُمَّ أَقَرَّتْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ مِنْهُ تَصَرُّفٌ، فَإِنْ أُقيَم بَيَّنَةٌ عَلَى رِقَّهِ تُتُبِّعَتِ التَّصَرُّفَاتِ وَجُعِلَت كَأنَّهَا صَدَرَتْ مِنْ عَبْدٍ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّد، وَإِنْ عُرِفَ رِقُّهُ بِإِقْرارِهِ فَيُقْبَل إِقْرارُهُ فِيمَا عَلَيْهِ مُطْلقاً، وَفِيما يَضُرُّ بِغَيْرِهِ أَيْضاً عَلَى أَظْهَرِ الأَقْوَالِ، وَفِي قَوْلٍ: لا يُقْبَلُ فِيما يَضُرُّ بِغَيْرِهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الحالةُ الرابعةُ: أن يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالرِّقِّ، وهو عاقلٌ بالغٌ، فَيُنْظَرُ؛ إنْ كَذَّبَة المُقِرُّ له, لم يثبُتِ الرَّقُّ، ولو عادَ بعْد ذَلِكَ، فَصَدَّقَهُ، لم يلتفت إليه؛ لأنَّه لمَّا كذَّبَهُ، ثَبَتَتْ حُرِّيَتُهُ بِالأصْلِ، فلا يَعُودُ رقيقاً، وإنْ صَدَّقَهُ، فإمَّا أنْ يسبِقَ الإقرارَ ما يناقضه أو لا يَسْبِقَهُ.

القسْمُ الأوَّلُ: ألاَّ يَسْبِقَهُ ما يُناقِضُه، فَيُقْبَلُ إِقْرَارُهُ، كسائر الأقَارِيرِ، وعَنْ حِكَايَةِ صاحب "التقريب" قولٌ آخرٌ؛ أنَّه لا يُقْبَلُ؛ لأنه محكومٌ بحرِّيَّته بالدِّارِ، فَلاَ ينقض، لمَا أنَّ المحكُومَ بإسْلاَمِهِ بظَاهِرِ الدَّارِ، إذَا أعْرَبَ بالكفر، لا ينقض ما حُكِم بِهِ في قَوْلٍ، بلْ يُجْعَلُ مُرْتَدّاً.

والقسْمُ الثَّانِي: أن يسبقه ما يُنَاقِضُهُ، وفيه صُوَرٌ.

إحداها: إذا أَقَرَّ بالحريَّة بعْد البلوغ، ثم أَقرَّ بالرِّقِّ، لَمْ يُقْبَلْ؛ لأنَّه بالإقْرار الأوَّل،

<<  <  ج: ص:  >  >>