للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: لا نَحْكُمُ بانْفِسَاخِ النِّكاحِ، بلْ نطْرُدُه كمَا كَانَ.

قال الإمامُ: سَواءٌ فَرَقنا بَيْنَ الماضِي والمُسْتَقْبَلِ أَوْ لَمْ نَفْرِقْ، فكأنَّا نجعل النِّكَاحُ فِي حُكْمِ المستوفي المقْبُوضِ فِيما تَقَدَّمَ، وَعلَى هذه القاعِدَةِ؛ بيَّنَّا أنَّ الحُرَّ، إِذَا وَجَدَ الطَّوْلَ بَعْدَ نكاح الأمَّةِ، لَمْ نقْضِ بارتفاعِ النِّكَاح بَيْنَهُمَا، وَاسْتَدْرَكَ القَاضِي ابنُ كج، فَقَالَ: إنْ كَانَ الزَّوْجُ مِمَّا لا يَجُوزُ لَهُ نكَاحُ الإمَاءِ، فيُحْكم بانْفِسَاخِ النِّكاح؛ لأنَّ الأَوْلاَدَ الذينَ تلدُهُمْ في المُسْتَقبَلِ أَرِقَّاءُ عَلَى مَا سَيأْتِي، فَلَيْسَ لَهُ الثبات علَيْهِ، وهذا حسنُ، لكن صَرَّحَ ابْنُ الصبَّاغ بخِلاَفِهِ (١).

ثم أطلق الأصْحَابُ أنَّ للزَّوْج الخيارَ [فى] فَسْخِ النِّكَاح، وقَدْ نَصَّ علَيْهِ في "المختصر" ووجَّهُوة بنُقْصَانِ حَقِّهِ لِحُكْمنا بالرِّقِّ في الحالِ والمُسْتَقبَلِ، وهوَ على ما ذَكَرَهَ الشَّيْخُ أبو عليٍّ مفروضٌ فما إذا نَكَحَها في الابْتَداءِ على أنَّها حُرَّةٌ، فإنْ تَوَهَمَّ الحُرِّيَّةَ، ولم يجرِ شرطها، ففيهِ خِلاَفٌ، يُذْكَرُ في موضعه.

الثَّانِي: في المَهْرِ، ومَهْمَا ثَبَتَ للزَّوْجِ الخِيَارُ، فَفَسَخَ النِّكَاحَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وإنْ كانَ بَعْدَ الدُّخولِ، فعَلَيْهِ أَقَلُّ الأمْرَيْنِ من المسمَّى أو مَهْرِ المِيْلِ [إن كان المسمَّى أقلَّ، لم يُقْبَل إقرارُهَا في الزيادَة علَيْهِ، وإن كان مهْرُ المثلِ أقلَّ] (٢)، فالمُقَرُّ لَهُ لا يَدَّعِي أكْثَرَ مِنْهُ، وإِنْ أَجَاز؟ قَالَ: "في "التهذيب"": عَلَيْهِ المسَمَّى، فإنْ طَلَّقَها بَعْدَ الإجازَةَ وقبْل الدُّخُول، فَعَلَيْهِ نصف المسمَّى، وفيه إشْكالُ؛ لأنَّ رَغْمَ المُقَرَّ له فَسَادُ النِّكاح، فإنْ لم يكُنْ دخولٌ، وَجَبَ ألاَّ يُطالب بشَيْءٍ، وقَدْ يُشْعِرُ بِهَذَا إطْلاَق صاحبِ الكِتابَ (٣)، والمُسْتَحَقُّ للسيد أقلُّ الأمْرَيْنِ، فإنَّه إِنَّما يَتَّضِحُ بتقديرِ الدُّخُولِ، فإنْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ دَفَعَ الصَّدَاقَ إلَيْهَا، لم يُطَالِبُ بهِ ثانياً.


(١) قال النووي: الأصح: أنه لا ينفسخ كما قال ابن الصباغ، كالحر إذا وجد الطَّول بعد نكاح الأمة. والله أعلم.
هذا الذي صححه هو الذي جزم به الجمهور منهم صاحب التقريب والقاضيان الماوردي والبندنيجي والمتولي وصاحب البيان وغيرهم؛ لأن شرط نكاح الأمة يعتبر ابتداء لا دواماً، ولعل ما قاله ابن كج مبنياً على مذهب المزني أن طريان اليسار على النكاح يبطله، لكن يبعد ذلك أنّا لو اعتبرناه لكان قولها مفسداً لنكاحه.
(٢) سقط في: ز.
(٣) قال النووي: الراجح: أنه لا يلزمه شيء لما ذكره. والله أعلم.
قضية الاستشكال في الصورة الثانية أن يجري مثله في الصورة الأولى -أعني إذا كان بعد الدخول والمسمى أكثر؛ لأنه بزعمه أيضاً لا يستحقه.
وكلام المتولي مصرح بما رجحه المصنف فإنه قال ليس للسيد مطالبة بالمهر قبل الدخول يعني وإن لم يجد طلاق لزعمه أن النكاح فاسد، والزوج مقر لها بالمهر، وليست من أهل المطالبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>