للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- شَيْئاً، فارْجِعِى، حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ، فَسَأَلَ النَّاسَ، فَقَالَ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةُ: شَهِدتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أعْطَاهَا السُّدُسَ، فَقَالَ: هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ؟ فَقامَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلَمَةَ الأنْصَارِيُّ، فَقَالَ مِثْلُ مَا قَالَ المُغِيرَةُ، فأَنْفَذَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ السُّدُسَ.

ثُمَّ جاءَتِ الجَدَّةُ الأُخْرَى إلَى عُمَرَ تَسْأَلُهُ مِيرَاثُهَا، فَقَالَ لَهَا: مَا لَكِ فِي كتابِ اللهِ شَيْءٌ، وَمَا كَانَ القَضَاءُ الَّذِي قَضَى بِهِ إلاَّ لِغَيْرِكِ، وما أنا بِزائدٍ في الفَرائِض شَيْئاً، ولكنْ هُوَ ذَلِكَ السُّدُسُ، فإنِ اجْتَمَعْتُمَا، فَهُوَ بَيْنَكُمَا، وَأَيُّكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا (١).

وعَنْ بُرَيْدَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- جَعَلَ للجَدَّةِ السُّدُسُ (٢)، إذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهَا أُمٌّ.

والكلامُ في الجَدَّةِ في فُصُولٍ، مِنْهَا في جهتها، وسيَأْتِي [إنْ شَاءَ الله -تَعَالَى-] في "فَصْلِ الحَجْبِ".

ومِنْها بيانُ الَّتي تَرِثُ مِنَ الجَدَّاتِ، والتي لاَ تَرِثُ، فترِث أمُّ الأمِّ، وأمَّهَاتُهَا المُدْلِياتُ بمَحْضِ الإنَاثِ، وأُمُّ الأَبِ، وَأمَّهَاتُها كَذَلِكَ (٣).

وقد رُوِيَ عَن القاسِم بْن مُحمَّدٍ أنه قَالَ: جَاءَتِ الجَدَّتانِ إِلَى أبِي بَكْر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَأَعْطَى أُمَّ الأُمِّ المِيرَاثَ (٤) دُونَ أُمِّ الأَبِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الأنْصَارِ: أَعْطيْتَ الَّتِي لَوْ


(١) رواه [مالك وأحمد وأصحاب السنن وابن حبان والحاكم من هذا الوجه، وإسناده صحيح لثقة رجاله، إلا أن صورته مرسل، فإن قبيصة لا يصح له سماع من الصديق، ولا يمكن شهوده للقصة قاله ابن عبد البر بمعناه وقد اختلف في مولده، والصحيح أنه ولد عام الفتح، فيبعد شهوده القصة، وقد أعله عبد الحق تبعاً لابن حزم بالانقطاع، وقال الدارقطني في العلل بعد أن ذكر الاختلاف فيه عن الأزهري: يشبه أن يكون الصواب قول مالك ومن تابعه.
قال الحافظ: تنبيه: ذكر القاضي الحسين: أن التي جاءت إلى الصديق أم الأم، والتي جاءت إلى عمر أم الأب، وفي رواية ابن ماجة ما يدل له، وسيأتي فيما بعد: أنهما معاً أتتا أبا بكر، وقد ذكر أبو القاسم بن منده في المستخرج من كتب الناس للتذكرة: أنه روي أيضًا من حديث معقل بن يسار وبريدة وعمران بن حصين كلهم عن النبي].
(٢) رواه أبو داود والنسائيُّ، وقال الحافظ في التلخيص: وفي إسناده عبد الله العتكي مختلف فيه، وصححه ابن السكن.
(٣) وقال الرويانى في البحر: الجدة المطلقة هي أم الأُم، وأما أم الأب فهل هي جدة على الإطلاق أيضًا كأُم الأم أم هي جدة بالتقييد على وجهين، وعلى هذا اختلفوا فيمن يسأل عن ميراث جدة هل يسأل عن أي الجدتين أراد فقال: من جعلها جدة على الإطلاق لا يجاب حتى يسأل، ومن جعلها جدة بالتقييد يجاب عن أُم الأمُ حتى يذكر أنه أراد أُم الأب.
قال: والأصح أنه ينظر فإن كان ميراثها يختلف في الفريضة بوجود الأب الذي يحجب أُمه لم يجب حتى يسأل عن أي الجدين، وإن كان ميراثهما لا يختلف أجيب ولم يسأل.
(٤) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>