للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأُخْتِ، وبأنَّ الأَصْلَ الفرائِضِ أنَّهُ إذَا اجتمعَ ذَكَرٌ وَأُنثَى في دَرَجَةٍ واحِدَةٍ، يكونُ للذَّكَرِ ضعْفُ مَا لِلأُنْثَى.

فَلَوْ جَعَلْنا في زَوْج وأبَوَيْنِ للأمِّ الثُّلُثَ كامِلاً، فَقَدْ فضَّلْنَاها على الأَبِ، ولو جَعَلْنا لَهَا الثُّلُثَ في زَوْجَةٍ وأبَوَيْنِ، لم يَحْصُلْ تفضيلُ الأَبِ عَلَى النِّسْبَةِ المعهُودَةِ.

قَالَ الإمَامُ: وهَذا يُشْكِلُ بمَا إِذَا اجْتَمَعا معَ الابْنِ، ويجوز أن يُحْتَجَّ في المسألَتَيْنِ باتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- قَبْلَ إِظهارِ ابنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- الخِلاَفَ، كَمَا احتَجَّ عثمانُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- في المَسْأَلَةِ السَّابقةِ.

وأعْلَم أنَّ ما تَأخذُهُ الأُمّ في المَسْأَلَةِ الأُولَى سُدُسُ المالِ، وفِي الثانيةِ رُبْعُهُ، إلاَّ أنَّ اللهَ -تَعَالَى- جَعَلَ لَهَا الثُّلُثَ عنْد عَدَمِ الوَلَدِ والإخوةِ، فأَحَبُّوا استيفاءَ لَفْظِ الثُّلُثِ مُوَافَقَةً للقُرْآنِ.

وقولُهُ في الكتاب "فَلَهَا الثُّلُثُ إلاَّ فِي أَرْبَع مسَائِلَ" أرادَ بالمسألةِ الثَّالِثَةَ: أنْ يكُونَ للمَيِّتِ وَلَدٌ أو وَلَدُ ابْنٍ، وبالرَّابعَةِ: أنْ يكُونَ لهُ اثنانِ من الإخوةِ، والأخَوَاتِ فَصَاعِداً، وليْسَ في بناء فَرْضِهِمَا على الثُّلُثِ، واستثْناءِ المَسَائِل الأَرْبَعِ كثيرُ غَرَضٍ، ولو بني على السُّدُسِ واستَثْنَى ثلاث مسائِلَ: زوجٌ وأَبَوَانِ، وزوجةٌ أبوانِ.

وَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ وَلاَ وَلَدُ ابْنٍ ولا اثنانِ مِنَ الإخْوَةِ والأَخَوَاتِ كانَ مِثْلَهُ أوْ قَرِيبًا مِنْهُ.

ولَكَ أنْ تُعْلِمَ قَوْلَهُ "فَلَهَا في المَسْأَلَتَيْنِ ثُلُثُ مَا يَبْقَى" [بالوَاوِ]؛ لأنَّ الشَّيْخَ أَبَا حاتمٍ القَزوِينيَّ -رَحِمَهُ الله- لَمَّا حَكَى مَذْهَبَ ابْنِ عبَّاسٍ في زَوْجٍ وأبَوَيْنِ، وهو أنَّ للأمِّ الثُّلُث كاملًا، قَالَ: وبِهِ قَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي أبَا الحَسَنِ بْنَ اللَّبَّانِ.

ورأيت في "الإيجاز" من جمع الأَخْذَ بقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- في الصورَتَيْنِ، والله أعلم.

قال الغَزَالِيُّ: (أَمَّا الجَدَّةُ) فَلَهَا السُّدُسُ أَبَدَاً وَهِيَ الَّتِي تُدْلي بِوَارِث، وَلا شَيْءَ لأُمِّ أَبِ الأُمِّ لِأَنَّها تُدْلِي بِغَيْرِ وارِثٍ، فَكُلُّ جَدَّةٍ تُدْلي بِمَحْضِ الإنَاثِ كَأَمِّ أُم الأُمِّ، أَوْ بِمَحْضِ الذُّكُورِ كَأُمِّ أَبِ الأَبِ، أَوْ بمحْضِ الإِنَاثِ إِلى مَحْضِ الذُّكُورِ كَأُمِّ أمِّ أَبِ أَبِ الأَبِ فَإِنَّها تَرِثُ (م)، وَإِذَا دَخَلَ في نَسَبِها اِلَى المَيِّتَ ذَكَرٌ بَيْنَ الأنْثُيَيْنِ لَمَ تَرِثْ، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ كُلَّ جَدَّةٍ تُدْلِي بِذَكَرٍ فَلا تَرِثُ إِلاَّ أُمَّ الأَبِ وَأُمَّهَاتِهَا مِنْ قِبَلِ الأُمِّ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: عَنْ قُبيصةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، قَالَ: جَاءَتِ الجَدَّةُ إلَى أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- تَسْألُهُ عَنْ مِيرَاثِهَا، فَقَالَ: مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللهِ شَيْءٌ، وَمَا عَلمْتُ لَكِ في سُنَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>