للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَلَدُ الابْنِ مُلْحَقٌ بالوَلَدِ، عَلَى ما ذَكَرْنَا في ميراثِ الزَّوْجَيْنِ، وإنْ كَانَ له اثْنَانِ من الإخْوَةِ والأَخَواتِ أيِّ جِهَةٍ كَانُوا، فَلَهَا السُّدُسُ أيضاً، ولفظُ الآيَةِ "الإخْوَة" وظَاهِرُهُ يقتضي ألاَّ تَنْقُصَ عَنِ الثُّلُثِ باثْنَيْنِ منْهُمْ، لكنَّ قدْ يعبر بلَفْظِ الجَمْعِ عَنْ الاثْنَيْنِ. وقَدْ قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "الاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ" (١).

وَرُوِيَ أنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ احتجَّ عَلَى عُثْمَان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وقالَ: "كَيْفَ تَرِدُها إلَى السُّدُسِ بالأَخَوَيْنِ، وليسا بإخْوَةٍ، قَالَ عُثْمَانُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: لا أَسْتَطِيعُ رَدَّ شَيْءٍ كَانَ قَبْلِي وَمَضَى في الُبلْدَانِ، وَتَوَارَثَ النَّاسُ بِه" (٢).

فأشارَ إلَى إجماعِهمْ علَيْهِ قَبْلَ أنْ أظهر ابْنُ عَبَّاسِ -[رَضِيَ الله عَنْهُ]- الخِلاَفَ.

وأيضاً، فإنَّه حَجْبْ يتعلق بعدد، فكانَ الاثْنَان أَوَّله كَحَجْبِ البَناتِ [لِبَنَاتِ] الابْنِ، واحتَجَّ أيضاً بأنَّه فَرْضٌ يتعيَّن بعَددٍ، فَكَانَ الاثْنان فيه كالثَّلاثَةِ كفرض البناتِ، فَهَذانِ فَرْضانِ للأُمِّ، ولَهَا فَرْضٌ ثالثٌ في مسأَلَتَيْنِ:

إحداهما: إذَا ماتَتِ امرأةٌ، وخَلَّفَتْ زَوْجاً وأبَوَيْنِ: فللزوجِ النِّصْفُ، وللأمِّ ثُلُثُ ما يَبْقَى، والباقِي للأَبِ.

والثَانيةُ: ماتَ رجُلٌ وخلَّفَ زَوْجَةَ وأبَوَيْن، فللزَّوْجَةِ الرُّبُعُ، وللأمِّ الثُلُثُ ما يَبْقَى، والباقي للأب، وَوَجَّهوهُ بأنَّهُ شارَكَ الأبَوَيْنِ ذُو فَرْضٍ، فيَكُونَ للأمِّ (٣) ثُلُثُ ما فَضَلَ عن الفَرضِ، كَمَا لَو شَارَكَتْهَا بنْتٌ، وبأنَّ كُلَّ ذَكَرٍ وأُنْثَى، لو انفَرَداً اقْتَسَما المالَ أَثْلاثاً، وإذا اجتمعا معَ الزَّوْجِ والزوجةِ، وَجَبَ أنْ يكونَ الفاضِلُ عَنْ فَرضِهِما بينهما أثْلاثاً، كالأخِ


(١) رواه ابن ماجة. والحاكم من حديث أبي موسى الأشعري، وفيه الربيع بن بدر وهو ضعيف، وأبوه مجهول، ورواه البيهقي من حديث أنس وقال: هو أضعف من حديث أبي موسى، والدارقطني من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وفيه عثمان الوابصي وهو متروك، وابن أبي خيثمة من حديث الحكم بن عمير، وإسناده واه، وله طريقان آخران، أحدهما: رواه ابن المغلس في الموضح عن علي بن يونس عن إبراهيم بن عبد الرزاق الضرير، عن علي بن بحر عن عيس بن يونس، عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به ومن دون علي بن بحر مجهولان، والثانية: روى أحمد من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يصلي، فقال: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه، فقام رجل يصلي معه، فقال: هذان جماعة، هذا عندي أمثل طرق هذا الحديث لشهرة رجاله، وإن كان ضعيفاً، وقد رواه الطبراني من وجه آخر عن أبي أمامة، وقال البخاري في الصلاة من صحيحه: باب اثنان فما فوقهما جماعة، ثم أخرج حديث مالك بن الحويرث فأذنا وأقيما، وليؤمكما أكبركما.
(٢) رواه الحاكم وصححه وفيه نظر. فإن فيه شعبة مولى ابن عباس وقد ضعفه النسائي.
(٣) في ب: للأب وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>