للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحالةٌ يَرِثُ فِيهَا بمحْضِ التَّعْصِيب وهيَ ألاَّ نُحَلِّفَ غيرَهُ فلهُ جميعُ المالِ بالعُصُوبَةِ، وكذَا إذَا اجْتَمَعَ مَع ذِي فَرْضٍ، لَيْسَ بولَدٍ ولاَ ولدِ ابْنٍ؛ كزوْجٍ وأمٍّ أو جَدَّةٍ، فيَأخُذُ ذو الفَرْضِ فرْضَهُ، والبَاقِي للأَبِ بالعُصُوبَةِ.

وحالةٌ يَرِثُ فيهَا بالجهتَيْنِ معاً، وهِيَ ما إذَا اجتمعَ معهُ بنْتٌ أو بنتُ ابْنٍ، فلهُ السُّدُسُ بالفَرْضِيَّةِ؛ لأنَّ الآيَةَ لَمْ تَفْصِلْ بينَ أنْ يكُونَ الوَلَدُ ذَكَرًا أو أُنْثَى، والبَاقِي بعدَ الفَرْضِ يأخذُهُ بالعُصُوبَةِ؛ لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: "فَمَا أَبْقَتِ الفَرائِضُ، فَلأِوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ" (١).

قَالَ الإمَامُ: الجَمْعُ بَيْنَ الفَرْض والتَّعْصِيب يتَّفِقُ في صُوَرٍ: كَزَوْجٍ هُوَ مُعْتِقٌ، أَوْ ابْنُ عَمٍّ، وكابْنَيْ عَمٍّ، أحَدُهُمَا أَخٌ لَأُمّ، لكنَّهُ يسَتَنِدُ إلَى سَبَبَيْنِ مختَلِفَيْن، فأَمَّا الجَمْعُ بَيْنَهُمَا بسَبَب واحَدٍ، وهُوَ الأُبُوَّةُ، فقد امتازَ بِهِ الأبُ عَنْ سَائِرِ الوَرَثَةِ، وهَل الجَدُّ كالأَبِ؟ فيهِ؟ اختَلَفَ الفَرَضِيُّونَ فمِنْ قَائِلٍ نَعَمْ، وبهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أبو مُحَمَّدٍ، ومِنْ قَائِلٍ لاَ يَقُولُ: للبنْت النِّصْفُ، والبَاقِي للجَدِّ؛ لأَنَّا إِنَّمَا جَمَعْنَا بين الجِهَتَيْنِ في حَقِّ الأَبِ (٢) والمشهورُ أنَّه كالأبِ؛ لِظاهِرِ الآيةِ، وهَذَا الخِلاَفُ يَرْجِعُ إلى العِبَارَةِ، وما يأخذَ أنه واحدٌ.

وقولُهُ في الكتَاب: "إنْ كَانَ للمَيِّتِ وَلَدٌ ذَكَر وَارِثٌ" وقولُهُ بَعْدَ ذَلِكَ "فإنْ كَانَ لِلميِّتَ وَلَدٌ أنْثَى وَارِثَةٌ" تطويلُ لفظٍ لاَ حاجةَ إليه؛ لأنَّ الابْنَ يَقُوم مَقَامَ الوَلَدِ [الذَّكَرِ، والبِنْتَ مَقَامَ الوَلَدِ] (٣) الأنْثَى.

وأمَّا الوراثة فسيأْتِي، [إنْ شَاءَ الله تَعَالَى]، أنّ من لا يَرِثُ، لاَ يَحْجُبُ [بحالٍ]، بل وجُودُهُ كَعَدَمِهِ والأصولُ الكلَّيةُ لا تتكرر في آحادِ الصُّوَرِ، وإنْ تَوَهَّمَ مُتَوهمٌ أنَّ الغَرَضَ مِنْ هَذَا اللَّفْظ أنْ يَتَنَاوَلَ وَلَدَ الابْنِ، ومَنْ وصَفَه بالإرْث أنْ يَخْرُجَ وَلَدُ البنْتِ، فَلَيْسَ بقَوم؛ لأنْ تَنَاوُلَ الوَلَدِ لِوَلَو الابْنِ كتَنَاوُلِ الابْنِ والبِنْتِ لوَلَدِ الابْنِ والبنتِ ولا فرقْ.

قال الغَزَالِيُّ: وَالجَدُّ في مَعْنَى الأَب، إِلاَّ في مَسْأَلَتَيْنِ (إِحْدَاهُمَا) أَنَّ الأَبَ يُسْقِطُ الاِخْوَةُ وَالجَدُّ يُقَاسِمُهُمْ (ح) (الثَّانِيَةُ) أَنَّ الأَبَ يَرُدُّ الأُمَّ إِلَى ثُلُثِ مَا يَبْقَى إِذَا كَانَ فِي الْمَسْاَلَةِ زَوْجٌ وَأَبَوَانِ، أَوْ زَوْجَةٌ وَأَبوَانِ، وَالجَدُّ لاَ يَرُدُّهَا بَلْ لَهَا مَعَ الجَدِّ الثُّلُثُ كَامِلاً.


(١) تقدم.
(٢) سقط من: د.
(٣) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>