للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الجَدَّاتِ الوارثاتِ عَلَى أقْرَبِ ما يُمْكِن مِنَ المِنَازِلِ، فاجْعَلْ درجهن بالعَدَد الذي سئَلْتَ عنْهُ، ومحض نسْبة الأولى إلى المَيِّتِ منْ أُمَّهات، ثُمَّ أَبْدِلْ منْ آخر نسبة الثانية أمّا بأبٍ، وفي آخِر نِسْبة الثاليةِ أُمَّيْن بأبوَيْنِ، وهَكَذَا يَنْقُصُ منْ الأُمَّهَاتِ، وتَزِيدُ في الآبَاءِ حتَّى تتمحضن نِسْبَةُ الأخيرة آباء.

مثاله: سُئلْتَ عنْ أَرْبَع حَدَّاتٍ، فقُلُ: هُنَّ: أُمُّ أُمِّ أُمِّ أُمِّ، وأُمُّ أُمِّ أُمِّ الأب، وأم أم أبي أب وأم أبي أبي أب، فالأولى منْ جِهةِ أُمِّ الميِّتِ، والثانية منْ جهةِ أبِيهِ، والثَّالِثةُ مِنْ جِهَةِ جَدِّهِ، والرابعةُ مِنْ جِهةِ أبِي جَدِّهِ، وَهَكَذَا، إذاً زدتَّ، زدتَّ لكلِّ واحدةٍ أَباً. وإذا أردتَّ معرفةَ مَنْ يُحَاذى الوَارِثَاتِ مع السَّاقطَاتِ، فإنْ كَانَ السُّؤالُ عن جدتَيْنِ على أقرب ما يُمْكِنُ، فلَيْسَ في دَرَجَتِهِما غَيْرُهُمَا، وإنْ كَانَ السُّؤالُ عن أكثر، فَأَلْقِ مِنْ عَدَدِ الوَارِثَاتِ اثْنَيْنِ أبداً، وضَعِّفِ الاثْنَيْنِ بعَدَدِ ما بَقيَ مِنْهُنَّ، فما بَلَغَ، فَهُوَ عَدَدُ الجَدَّاتِ، في تِلْكَ الدرجةِ الوَارِثَاتُ والسَّاقِطَاتُ، فإذَا أَسْقَطْتَ مِنْهُنَّ الوَارِثَاتِ، فَالباقِيَاتُ السَّاقِطَاتُ.

مِثَالُهُ: خُذِ مِنَ الأربعِ اثْنَيْنِ وَضَعِّفُهمَا مَرَّتَيْنِ؛ لأنَّ البَاقِي اثْنَانِ، فيبلغُ ثَمَانِيَةٌ، فَهُنَّ عَدَدُ الوَارِثَاتِ والسَّاقِطَاتِ، فإذا فَرَضْتَ ثَلاَثَ جَدات؛ فخُذ منْ الثلاثةِ اثْنَتَيْنِ وضَعِّفهُمَا مرَّة: لأنَّ البَاقِي واحدٌ، فيبلغ أربَعةً، فَهِيَ عددهُنَّ وفي هذهِ الدَرَجَة ثلاثُ وارثات، ووَاحدةٌ ساقطةٌ، واعْلَمْ أنَّ الوارثاتِ في كلِّ درجةٍ من درجاتِ الأُصُولِ بعَدَد تلْكَ الدرجَة، ففي الثانيةِ اثْنتانِ، وفي الثالثةِ ثلاثٌ، وفي الرابعة أرْبَعٌ، وهَكَذَا في كلِّ درجةٍ لا تزيدُ إلاَّ وَارِثةٌ واحدةٌ، وإنْ تَضَاعَفَ عَدَدُهُنَّ في كلِّ درجةٍ، وسَبَبُهُ أنَّ الجَدَّاتِ ما بَلَغْنَ نِصْفَهُنَّ منْ قِبَل الأُمِّ، ونِصْفَهُنَّ منْ قِبَلِ الأب، ولا يَرِثُ منْ قِبَلِ الأمِّ إلاَّ وَاحِدَةٌ، والبَاقِيَاتُ مِنْ قِبَلِ الأَبِ، فإذَا صَعَّدْنَا درجةً، تبدّلَت كلُّ واحدةٍ مِنْهُنَّ بأُمِّهَا، وزَادَتْ أُمُّ الجَدِّ الَّذِي صَعَّدْنَا إليه، ولا يُخْفَى أنَّ مُعْظَمَ مَا ذَكَرنَا مِنْ تنزيلِ الجَدَّاتِ مبنيٌّ علَى القَوْلِ الصَّحيحِ، فأمَّا عَلَى ما رَوَاهُ أَبُو ثَوْرٍ، فلا يرثِ إلا جَدَّتَانِ، والله أعلم.

قال الغَزَالِيُّ: (أَمَّا الأَبُ وَالجَدُّ) فَلِلْأَبِ السُّدُسُ بِالفَرِيضَةِ المَحْضَةِ إنْ كَانَ لِلمَيِّتِ وَلَدٌ ذَكَرٌ وَارِثٌ (م)، وَلَهُ كُلُّ المَالِ أَوْ مَا بَقِيَ بِالغُصُوبَةِ المَحْضَةِ إِذَا لَمْ يَكُنِ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ وَارِثٌ، فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ أُنْثَى وَارِثَةٌ فَلَهُ السُّدُسُ بالفَرِيضَةِ، وَمَا يَبْقَى مِنَ الفَرَائِضِ بالعُصُوبَةِ، وَيُجمَعُ بَيْنَ الفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: للأب في الميراثِ ثَلاَثُ حالاتٍ: حالةٌ يَرِثُ فِيها بمحضِ الفَرْضِيَّةِ، وهِيَ أنْ يَكُونَ مَعَ الأبَ ابْنٌ أو ابْنُ ابْنٍ، فلهُ السُّدُسُ، قَالَ الله تَعَالَى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١١] والبَاقِي للابن أو ابن الابنِ، لأنَّهُمَا أَقْوَى في العُصُوبَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>