للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللأمِّ السُّدُسُ، وللأَخَوَيْنِ لأمِّ الثُّلُثُ، والأَخَوَانِ للأب والأمِّ يُشَارِكَانِهِمَا في الثُّلُثِ، ولا يَسْقِطَانِ، وبِهِ قَالَ مَالكُ، وقَالَ أحمَدُ [وأبُو حَنِيْفَةَ] (١): يَسْقُطَانِ، وحكى؛ أبُو بَكْر بْنُ لاَل قَوْلاً للشَّافِعيِّ -رَضِىَ اللهُ عَنْهُ- وقالَ: لَهُ في المَسْأَلَةِ قَوْلانِ، بحَسَب اخْتِلاَفِ الرِّوَايَةِ عَنْ زَيْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- والرَّوَايَةُ عَنْ زَيْدٍ مُخْتَلِفَةٌ، كمَا ذكَرَ، لكَنْ لمْ أَجِدْ لغيرَهُ نقل قول للشافِعيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- في المسْأَلَةِ، نعم ذَهَبَ ابن اللَّبَّانِ إلى الإسْقَاطِ.

وقَالَ أَبُو خَلَفٍ، الطَّبَرِيُّ وهُوَ اختيارُ أسْتَاذِي أبي منْصُور البَغْدَادِيِّ وَوَجْهُهُ: أنَّ الإخْوَةَ مِنَ الأَبَوَينِ عَصَبَةٌ، فإذَا اسْتَغْرَقَتِ الفروضُ المَالَ، سَقَطُوا.

ووجْهُ ظاهرٌ المذْهَب: أَنَّها فَرِيضَةٌ، جَمَعَتِ الإخْوَةَ مِنَ الأَبوَيْنَ، والإخْوَةَ منْ الأمِّ فوَرِثَ الصِّنْفَانِ معاً، كما لَوِ انفردَا، وبأنَّ أولادَ الأمِّ، لو كَانَ بعْضُهُمُ ابْنَ عمٍّ، شارَكَ الآخَريْنِ بقَرابَة الأُمِّ، وإنْ سَقَطَتْ عُصُوبَتُهُ، فالأخُ مِنَ الأَبِ والأمِّ أَوْلَى لأن يكُونَ كَذَلِكَ، ولَكَ أنْ تُعَلِمَ؛ لمَّا نَقَلْنَا قَوْلَه في الكِتَابِ: "فَيُشَارِكُ أَوْلاَدَ الأُمِّ" مَعَ الحاءِ والأَلِفِ بالوَاوِ.

قَالَ الفَرَضِيُّونَ: ولُصُورِ (٢) المشترِكَةِ (٣) أرْبَعَةُ أَرْكَانٍ: أنْ يكونَ فِيها: زَوْجٌ.

وأنْ يَكُونَ فيهَا منْ يَأْخُذُ السُّدُسُ منْ أُمٍّ أو جدة (٤)، وأنْ يكونَ فِيها اثْنَانِ فصَاعِداً مِنْ أولادِ الأُمِّ، وأنْ يكونَ منْ أولادٍ الأب والأمِّ ذكَرٌ، إمَّا وَحَدَهُ أوْ مَعَ ذُكُورٍ أو إِنَاثٍ، وإنْ شِئْتَ، قُلْتَ: أنْ يكُونَ مِنْ أولادِ الأَبِ والأُمِّ عَصَبَةٌ، فإذا اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الأرْكَانُ، فَهُوَ موضعُ الخِلاَفِ المذْكُورِ.

أمّا إذَ لمْ يكن عَصبةً بَلْ كَانَ في المَسْأَلَةِ زَوْجٌ وأمٌّ واثنَانِ مِنَ الأَوْلاَدِ للأمِّ، وأختٌ مِنْ الأبَوَيْنِ أو مِنَ الأَب فَيُفْرَضُ لَها النِّصْفُ ولَوْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ، فَيُفْرَضُ لَهُمَا الثُّلُثَانِ وَيُقَالُ المسْأَلَةُ، ولَو كَانَ ولدُ الأمِّ واحِداً، أَخَذَ السُّدُسَ، والبَاقِي للعَصَبَةِ مِن أولادِ الأَب والأمِّ أو الأب (٥)، ولا بُدَّ مِمَّنْ تَأخُذُ النِّصْفَ والسُّدُسَ؛ لِيَحْصُلَ الاسْتِغْرَاقُ، وتُسمَّى هذِهِ المسأَلةُ المُشْتَرَكَةِ، لِمَا فِيها مِنَ التَّشْرِيكِ بَيْنَ أولادِ الأُمِّ، وأوْلادِ الأَب والأمِّ، والحِمَارِيَّةَ؛ لأنَّ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كَانَ لا يُوَرِّثُ أولادَ الأَبِ والامِّ، فقالُوا: هَبْ


(١) في ز: ذكره.
(٢) في د: والصورة.
(٣) في ب: والتركة.
(٤) في ز: وأخوة.
(٥) في ز: والأب.

<<  <  ج: ص:  >  >>