للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ أبَانَا كَانَ حِمَاراً، أَلَسْنَا من أُمٍّ وَاحِدَةٍ؟ فَشَرَكَهُمْ (١).

ولوْ كانَ بَدَلَ الإخْوَةِ من الأَبِ والأُمِّ إِخوة منَ الأَب، سَقَطُوا بالاتِّفَاقِ؛ لأنَّه لَيْسَ لَهُمْ قَرَابَةُ الأُمُومَةِ، حتَّى يُشَارِكُوا أولادَ الأُمِّ فافْتَرَقَ الصِّنْفَاَنِ في هذِهِ المسْأَلَةِ.

وإذَا شَرَكْنَا في الثُّلُثَ بيْنَ أولادِ الأُمِّ وأولادِ الأَبِ والأمِّ فيتقاسمُونهُ بالسَّوِيَّةِ؛ لأنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بقَرابَةِ الأمِّ فيَسْتَوِي ذَكَرُهُمْ وأنْثَاهُمْ، وكَانَ يَجُوزُ أنْ يُقالَ: إذَا تقَاسَمُوا في الثُّلُثِ بالسَّوِيَّةِ، أُخِذَ مَا يَخُصُّ أَوْلاَدَ الأَبِ، والأمِّ، فَيُجْعَل بينَهم {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، كَمَا أنَّ في المعادة (٢)، إذَا أخرَجَ نصيبُ الجَدِّ، أقْتَسَمُوا البَاقِي بينهُمْ، كَمَا يَقْتَسِمُونَهُ إذَا انْفَرَدُوا.

وَإِذَا قلْنَا بالمذهبِ، فالَّذِي يَأْخذُونَهُ بالفَرْضِ، فإن الإخْوَةَ مِنَ الأبَوَيْنَ يرِثُونَ بالتَّعْصِيبِ تَارَةً، وبالفَرْضِ تارةً أُخْرَى كالأَخَواتِ مِنَ الأَبَوَيْنِ.

قال الغَزَالِيُّ: وَمَهْمَا اجْتَمَعُوا فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ أَوْلاَدِ الصُّلْبِ مَعَ أَوْلاَدِ الابْنِ إِذَا اجْتَمَعُوا، وَيُنَزَّلُ أَوْلاَدُ الأَبِ وَالأُمِّ مَنْزِلَةَ أَوْلاَدِ الصُّلْبِ، وَالْأَوْلاَدُ مِنَ الأَبِ مَنْزِلَةَ أَوْلاَدِ الابْنِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ، إِلاَّ فِي شَيْءٍ وَهُوَ أَنَّ بِنْتَ الأبْنِ يُعَصِّبُهَا مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهَا، وَالأخُتُ لِلأَبِ لاَ يُعَصِّبُهَا إِلاَّ مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهَا.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: عَرَفْتَ حُكْمَ الصِّنْفَيْنِ عِنْدَ الانْفِرَادِ.

أمَّا إِذَا اجْتَمَعا، فَهُوَ كمَا لَو اجتَمَعَ أَوْلادُ الصُّلْبِ معَ أولادِ الابنِ، فأولادُ الابَوَيْنِ كأولاَدِ الصُّلْبِ، وأولادُ الأَبِ كَأوَلاَدِ الابْنِ، فلوْ كانَ من أولادِ الأَبَوَيْنِ ذَكَرٌ، فأولادُ الأبَوَيْنِ مَحْجُوبُونَ وإلاَّ فإن كَانَتْ أُنْثَى وَاحِدَةً، فَلَها النِّصْفُ، والبَاقِي لأوْلاَدِ الأَبِ، إنْ تَمحَّضُوا ذُكُوراً أو كانُوا ذُكُوراً وَإنَاثاً.


(١) رواه الحاكم في المستدرك. والبيهقي في السنن من حديث زيد بن ثابت وصححه الحاكم، وفيه أبو أمية بن يعلى الثقفي وهو ضعيف، ورواه من حديث الشعبي عن عمر وعلي وزيد لم يزدهم الأب إلا قرباً، وذكر الطحاوي: أن عمر كان لا يشرك حتى ابتلى بمسألة فقال له الأخ والأخت من الأب والأم: يا أمير المؤمنين هب أن أبانا كان حماراً ألسنا من أم واحدة، أصل التشريك أخرجه الدارقطني من طريق وهب بن منبه عن مسعود بن الحكم الثقفي قال: أتى عمر في امرأة تركت زوجها وأمها وإخواتها لأمها وإخوتها لأبيها وأمها، فشرك بين الإخوة للأم وبين الإخوة للأب والأم، فقال له رجل: إنك لم تشرك بينهما عام كذا. فقال: تلك على ما فضينا، وهذه على ما فضينا، وأخرجه عبد الرزاق، وأخرجه البيهقي من طريق ابن المبارك عن معمر، لكن قال عن الحكم بن مسعود، وصوبه النسائي، وأخرج البيهقي أيضاً أن عثمان شرك بين الأخوة، وأن علياً لم يشرك. قال الحافظ.
(٢) في ز: العادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>