للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالثُ: أنَّ بني الإخوة من الأبوَيْنِ، لو كَانُوا بدَلَ آبائِهِمْ في المُشْتَرَكَةِ، سقَطُوا؛ لبُعْدِهِمْ.

والرابعُ: أن الإخْوة من الأبوَينِ أو من الأبِ يعصِّبون أخَوَاتَهُم، وبنُوهُمْ لا يعصِّبون أخواتِهِم (١)؛ فانَّهُنَّ غير وارثات، واعْرِفْ بعدْ هذا شيئَيْنِ:

أحدُهُمَا: أن مفارقَةَ بني الإخْوة لآبائِهِمْ في الأمْر الأوَّلِ غيْرُ مخْصُوص بالإخْوَة من الأبوَيْنِ، وبالإخْوَةِ من الأَبِ، بل الحكمُ في الإِخْوة من الأم وأولادِهِمْ كذلك.

والثَّانِي: أن لَفْظ الكتاب يقتَضِي مفارقَةَ كُلِّ واحدٍ منَ الصِّنْفَيْن بني الإِخوة من الأبَوَيْنِ، وبني الإِخْوة من الأَبِ لأبائِهِمْ في جميع الأُمور الأرْبَعَة، لكن المفَارقَةَ في الأمْرِ الثَّالث يختصُّ ببني الأخْوة من الأبَوَيْنِ وآبَائِهِمْ، فأما الإخوةُ من الأبِ وبَنُوهم، فيَسْقُطُون جميعاً بلا فَرْقٍ.

قال الغَزَالِيُّ: وَأَمَّا أَخُ الْأَبَ وَهُوَ الْعَمُّ فَهُوَ عَصَبَةٌ، وَكَذا ابْنُهُ، وَكَذَا عَمُّ الأَبِ وَعَمُّ الجَدِّ وَبَنُوهُمْ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: العم من الأبوين والعم من الأبِ كالأخِ مِنَ الجهتَيْن في أنَّ من انفرد منهمَا يأْخُذِ جميعِ المالِ، أو ما بقي من أصْحابَ الفرائِض، وإذا اجْتَمَعَا، أسْقَطَ العمُّ من الأبوين، العَمَّ من الأبِ، كما يُسْقِطُ الأخ من الأبوين من الأب، ولا يَخفَى أنَّ المراد من قوله: (أمَّا أَخُ الأَبِ وهُوَ العَمُّ) ما إذا كان من الأبوَيْنِ أو مِنَ الأَبِ.

وقوله: (فهو عصبةٌ) ليسَ عَلَى معْنَى: أن المذكورِينَ قبْلَه أصْحابُ فُرُوضٍ، بل البنونَ وبنُوهُمْ وبَنُو الأخِ كلُّهم عصباتٌ، ولكن أشار بأنَّه عصبةٌ إلَى أنَّه يأخذ جميعَ المَالِ، أو ما بقي من أصحاب الفُرُوضِ.

قال الغَزَالِيُّ: وَمِنْ حُكْمِ الأَخَوَاتِ أنَّهُنَّ مَعَ البَنَاتِ عَصَبَاتٌ، فَإذَا كَانَ لِلمَيِّتِ بِنْتٌ وثَلاَثُ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقاتٍ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالبَاقِي لِلْأخْتِ منْ قبلَ الأبَ وَالْأُمِّ بالعُصُوبَةِ وَسَقَطَتِ الأُخْتُ لِلْأَبِ لعُصُوبَةِ الأُخْتِ لِلْأَبِ وَالأُمِّ، وَتَسْقُطُ الأُخْتُ لِلْأُمِّ بِالْبِنْتِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الأخواتُ من الأبوَيْنِ، ومنَ الأبِ مع البنَاتِ وبنَاتِ الابْنِ عصباتٌ، لما مَرَّ من حديثِ هُزَيْلِ عن ابن مسعود -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

قال الإمامُ: والسَّببُ فيه أنَّه إذا كان في المَسْأَلَةِ بنتانِ فَصَاعداً، أو بنتا ابنَ وأخوات، وأخذتِ البناتُ الثلثَيْنِ، فلو فرضْنَا للأخواتِ، وَأَعْلنَا المسألةَ، نقص نصيبُ


(١) في ز: أخواتهن.

<<  <  ج: ص:  >  >>