للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي أوردَه صاحبُ "التهذيب" وغيرُهُ أنَّ القُربَى تحجُب البُعدَى أيضاً، ولو كانتِ البُعْدَى مدليةً بالقُرْبَى، لكنَّ البُعْدَى جَدَّةٌ من جهة أخرَى، فلا تَحجب.

ومثالُهُ: أن يكونَ لزينب بنتان حفصةُ، وعَمْرَةُ، ولحفْصَةَ ابْنٌ، ولعمرةَ بنْتُ بنتٍ فنكح الابنُ بنْتَ بنْتِ خالَتِهِ، فأتت منه بوَلَدٍ، فلا تُسْقِطُ عمرةُ التي هِيَ أمُّ أمِّ أمَّهِ أُمَّهَا؛ لأنَّها أمُّ أمِّ أبِي المولودِ (١).

والقربَى من جهة الأُمِّ كأمِّ الأُمِّ تحْجُبُ البُعْدَى من جهة الأب كأمِّ أم الأبِ، كما أن الأم تَحْجُبُ أمُّ الأب.

والقربَى من جهة الأبِ كأمِّ الأبِ هل تحْجُبُ البُعْدَى من جهة الأم؛ كأمِّ أمِّ الأمِّ، فيه روايتانِ عن زَيْدٍ، وقولانِ للشَّافِعِي -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-.

أحدُهما: وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله- نعم، وحجَبَتِ القربَى من جهة الأُمِّ البُعْدَى من جهة الأب.

وأظهرهما: وبه قال مالك وأحمد -رحمهما الله-: لا، لأنَّ الأب لا يَحْجُبُ تلك الجدَّةَ، فأمّه المُدْلِيَةُ به أَوْلَى ألا يحجُبُهَا، وعلى هذا القياسِ نقَلَ صاحب "التهذيب" أن القُرْبَى من جهةِ أمهاتِ الأَبِ، كأمِّ أمِّ الأب تُسْقِطُ البُعْدَى من جهة أباء الأب؛ كأمِّ أم أبي الأب، وأم أبي أبي الأبِ، والقربَى من جهة أباء الأَبِ؛ كأم أبي الأب، هَلْ تُسْقِطُ البعدَى من جهةِ أمهاتِ الأَبِ؛ كأم أم أم الأب، فيه القولان.

وقوله في الكتاب: "وأمُّ الأبِ يحْجُبُها الأبُ" معلم بالألف.

وقوله: "والقُرْبَى من جهة الأَبِ لا تَحْجُبُ البُعْدَى من جهة الأُمِّ" بالحاءِ، وأَمَّا قوله و"الجَدَةُ من الجهتين لا تُحْجُبُ الجَدَّةَ من جهةٍ واحِدَةٍ" هذه فقد صوَّرنْا في هذا الفصْل ومِن قَبُلُ الجَدَّةَ من جهتين، بَيَّنا أنَّ السُّدُسَ يكونُ بينهما ومن ضرورته ألا تكون واحدةٌ منهما حاجبةً للأخرى، ولْيُعْلَمْ قولُهُ "على السواء" بالواو؛ لوجهٍ قدَّمنا، فإن القسْمَةَ على الجهات لا عَلَى الرؤوس والله أعلم.

قال الغَزَالِيُّ: أَمَّا ابْنُ الابْنِ فَلَا يَحْجُبُهُ إِلاَّ الابْنُ، وَأَمَّا بِنْتُ الابْنِ فَيَحْجُبُهَا الابْنُ، وَبِنْتَانِ من أَوْلاَدِ الصُّلْبِ إِلاَّ أنْ يَكُونَ مَعَهَا أَوْ أَسْفَلَ مِنْهَا مَنْ يُعَصِّبُهَا، وَالْأخُ لِلْأَبِ وَالأُمِّ


(١) أي فالكبرى جدة هذا الولد من قبل أبيه ومن قبل أُمه لكنها من قبل الأب أقرب لأنها أُم أُم أبيه وابنتها أُم أُم أُمه فهي مساوية لها، فإذا مات هذا الولد وليست له أُم قريبة كان القياس الذي تستحقه الجدة من هذه العليا وابنتها لتساويهما في الجدودة قال القاضي أبو الطيب والروياني: وليس لنا جدة ترث مع ابنتها إلا في هذه الصورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>