للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي "السلسلة" للشيخ أبي (١) محمَّد ذكْرُ وجْهٍ مخُرَّج: أنَّ اللَّعَان لا يَقْطَع التوارث بين الوَلَد والمُلاَعِنِ، وبناءُ الخلاف في الوجْهَيْن في أنَّ الملاعن، هلْ له أن ينْكِح بنت الملاعَنَةَ التي نفاها، إذا لم يكُنْ قد دَخَلَ بأمها؟ إن قلْنا: له ذلك؛ كنكاحِ بنْتِ الزِّنَا، فلا يَرِثُ.

وإن منَعْنَا منْه؛ لأن نسبها يعرض الثُّبُوت مِنْ حيثُ إنَّه قد يكذب نفْسَه، فيَرِث.

قال: وبهذا قال مالك -رحمه الله- ولم نر لغيره نِسْبَةَ هذا المذهب إِلى مالِكٍ، ولا حكاية هذا الوجه، والله أعْلَم.

وأما الولَدُ مع الأمِّ, فإنهما يتوارَثَانِ توارُثَ سائر الأولاد والأمَّهَات؛ والتوأمان المتعيان باللِّعَان، كيف يتوارَثَانِ؟ فيه وجهان:

أصحُّهما: وهو المذكور في الكتاب، وبه قال أبو إسْحَاق: أنهما لا يتوارثان إلاَّ بأُخُوَّة [الأمِّ؛ لانقطاع نسَبِهِمَا عنِ الأَب.

والثاني: يتوارَثَانِ (٢)] بأُخُوة الأبِ والأمِّ، وبه قال مالك -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لأنَّ اللعانَ إنَّما يؤثِّر في حقِّ المتلاعنَيْن دون غيرهما.

وإذا قلْنا بالأَوَّل، فلا عصَبَةِ للوَلَدِ المنفيِّ إلاَّ من صُلبه أو من جهة الولاءِ؛ بأن يكون عتيقاً أو أمُّه عتيقةٍ، فيثبت الولاءُ لمولاها علَيْه، وعصبة الأمِّ لا يكونون عصبةً له، خلافاً لأحمد -رحمة الله عليه- فيما إذا لم يكُنْ له مُنْ صلْبِهِ عصبةٌ، حتى إذا خلَّف أُمُّهُ، وخالاً، قال: للأمِّ الثلثُ والباقي للخَالِ، وُيرْوَى هذا المذْهَبُ عن أبي حنيفة، ولا يكاد يثْبُتُ له.

لَنَا: أنهم ليْسُوا عصبةٌ له في تحمّل العقل والولاية فكذلك في المِيرَاثِ.

ولو نفى الولَدِ باللِّعَان، ثم استلْحَقَهُ، لحِقه فإنْ كاَن بعْد مَوْت الوَلَد، فكذلك، وتنقض القسْمَة، لو قسمت تركتُهُ، حتى لو كان علَى أمِّه ولاء، فأخذ موْلاَها ميراثه، كان للمستلحق الاسترْدَادُ، ولا فَرْقَ في اللُّحُوق بيْن أن يخلِّف الميت ولداً أو لا يُخَلِّف.

وقال أبو حنيفةَ: إذا لَمْ يُخَلِّف ولداً، لم يلحقه الاستلحاقُ بعْد الموت.

المسألةُ الثانيةُ: ولَدُ الزِّنَا كالوَلَدِ المنفيِّ باللعان, لأنَّ الوجه الذي حكاه الشيخ أبو محمَّد لا مساغ له ههنا، وَأَنَّ ولد الزنا لا يلْحَقُ الزانِيَ بالاستلحاق، وأنَّ التوأمَيْنِ من الزنا لا يتوارَثَان إلاَّ بإخْوَة الأمّ.


(١) قال النووي: هذا الوجه غلط؛ لأنه في الحال لا نسب.
(٢) سقط من: د.

<<  <  ج: ص:  >  >>