للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن "الحاوِي" وجهٌ ضعيفٌ؛ أنَّهما يتوارَثَان أيضاً بأُخُوَّة الأبِ والأُمِّ، وحكاه الحناطي أيضاً (١).

قال الغَزَالِيُّ: الخَامِسُ إِذَا اسْتُبْهَمَ التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ فِي المَوْتِ، كَمَا إِذَا مَاتَ قَوْمٌ مِنَ الأَقَارِبِ فِي سَفَرٍ، أَوْ تَحْتَ هَدَّمٍ، أَوْ غَرَقٍ، فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ كَأَنَّهُ لَمْ يُخَلَّفْ صَاحِبَهُ، وَإِنَّمَا خَلَّفَ الأَحْيَاءِ إِذْ عَسْرَ التَّوْرِيثُ لِلْاشْتِبَاهِ، وَكَذَلِكَ نَفْعَلُ إِنْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ مَاتُوا عَلَى تَرْتِيبٍ وَلَكِنْ عَسُرَ مَعْرِفَةُ السَّابِقِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا ماتَ المتوارِثَانِ بغَرَقٍ أو حَرَقٍ أو تَحْت هَدْمٍ أو في بلادِ الغُرْبة أو وُجِدا مقتولَيْنِ في معْركَةٍ؛ فله صُوَرٌ خَمْسٌ:

إحداها: أن يعرف تلاحقُ موْتِهِمَا وعيْن السابق منْهما، وحكمهما بيِّن.

والثانيةُ: أن يعلم التلاحقُ، ولكنْ لا يعلم عيْن السابِقِ منهما.

والثالثة: أنْ يُعْلَم وقوعُ الموتَيْنِ معاً.

الرابعة: ألاَّ يُعْلَم أتلاحقا أمْ وقعاً معاً.

ففي هذه الصُّور الثلاث لا يُوَرَّث أحدُهما من صاحِبِه، بل يُجْعَلُ ما لكلِّ واحدٍ منهما لسائر ورثته، لو لم يخلِّفِ الآخر.

وقال أحمد -رحمه الله-: يَرِثُ كلُّ واحد من الآخر تَلِيدَ (٢) ما له دُون طَرِيقِهِ.

والمرادُ من التَّلِيد: ما كانَ لَهُ، ومِنَ الطَّريق: ما وَرِثَهُ من الآخر.

لنا: أن كلَّ واحدٍ منهما لا تتحقَّق حياته عنْد مَوْت صاحبِهِ، فلا يُورث منه؛ كالجنين، إذا انْفَصَل ميِّتاً بعْد موت مُوَرِّثه.

واحتجَّ الشيخُ أبو حامِدٍ بأنَّا إذا ورثنا كلَّ واحدٍ منهما منْ صَاحِبِه، فقد حكَمْنا بالخطأِ يقيناً؛ لأنهما إِنْ ماتا معاً، ففيه توريثُ مَيِّت من ميِّت، وإِنْ ماتا علَى الترتيب، ففيه توريث مَنْ تقدَّم موْتُه عَمَّن تأخَّر موته. ولا بُدَّ هاهنا من التعرُّض لأُمُورٍ:

أحدها: إيضاحُ المذهَبَيْنِ بالمثال.

أخَوَانِ غريقان غَرِقَا: مالُ كلِّ واحدٍ منهما لموْلاَه.

وعن أحمَدَ: مالُ كلِّ واحدٍ منهما لأَخيه، ثم يتلقَّاه منْه موْلاَه.


(١) قال النووي: هذا الوجه غلط فاحش، قال الإمام: ولو علقت بتوأمين من واطئ بشبهة، ثم جهل الواطئ، توارثا بأخوة الأبوين بلا خلاف.
(٢) التليد ما ولد عندك من مالك أو نتج. ينظر ترتيب القاموس ١/ ٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>