للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعْلَمُ موْتُهُ فيها, ولا يتعرَّض لحكْم الحاكِم، كما نقل عن ابنِ اللَّبَّانِ. ومنْهم مَنْ يعتبر الحُكْم علَى ما ذكره في الكتابِ، فَكيْفَ الحَالُ فيه؟ والذي ينبَغِي أنْ يُقَال في الجوابِ: إن القسمة، وإن كانَتْ بالقَاضِي، فقسمته تتضمَّن الحكْمَ بالمَوْت، وإنِ أقتسَمُوا بأنْفُسِهِم، فيجوز أن يقدَّر فيه خلافٌ، إن اعتبرنا القطْع، فلا حاجة إلَيْه، وإلا، فلا بدَّ منه؛ لأنَّه في مَحَلِّ الاجتهاد.

وأيضاً، فإنَّهم حكَوُا؛ تفريعاً على القول القديم من امرأةِ المفقود، وجْهَيْن في أنها، هلْ تحتاجُ إلَى حُكْمِ الحاكمِ؛ لتنكح أمْ يكْفِي مُضي المدة؟

والظاهرُ اعتبارُ الحُكْم.

الرابع: إذا مضَتِ المدَّةُ المعتبرةُ وقُسِّم ماله، فهل لزوجته أن تَنْكِحَ؟ والجوابُ من مفهومِ كلامِ الأئمَّة -رحمهم الله- دَلاَلَةً وتصريحاً أن لَهَا ذلِكَ، وأنَّ المنْعَ على الجديدِ مخْصُوصٌ بما قبل هذه المدة، ألا تَرَى أنَّهم ردُّوا على القوْلِ القديمِ حيْث اكتفى بأربعِ سنين، بأنه، إذا لم يَجُزْ الحكم بمَوْتِهِ في قَسْمة أموالِهِ وعِتْقِ أمهات أولادِهِ، لم يَجُزِ الحكم به في فِرَاقِ زوْجَتِهِ.

فأشعر بأنَّهم رأَوُا الحكمَيْنِ متلازِمَيْنِ.

وعلَى هذا؛ فالعبدُ المنقطعُ الخَبَرِ بعْد هذه المدَّة لا تجبُ فطرته، ولا يجزئُ عن الكفَّارة بلا خلافٍ، وموضعُ القَوليْن ما قبل ذلك. ولا يبْقَى للاستناد مُتَمَسَّكٌ في نصِّه الجديدِ في مسْألة المَفْقُود. وقوله: "فيقسّم على ورثته الموجودِينَ عند الحُكْم" معناه أنَّا ننْظُرُ إلى مَنْ يَرِثُه حينَ حَكَم الحاكمُ بموته، ولا يُوَرَّثُ من مات قبْل الحُكْم، ولو بلحظة؛ لجواز أن يكونَ مَوْت المفقود بَيْنَ موْتِهِ وبيْنَ حُكْم الحاكم.

وأشار العَبَّادِيُّ في "الرَّقْم" إلى أنَّه لا يشترطُ أنْ يقع حكْمُ الحاكمِ بَعْد المدة، فقال: "يضرب الإمامُ لَهُ مدَّة لا يعيشُ في الغالب أكْثَرَ من تلْك المدة، فإذا انتهتْ، فكأنه مات ذلك اليَوْمَ" هذا لفْظُه.

وأمَّا توريثُه، فإذا مات للمفقودِ قبْل الحكْمِ بموته قريبٌ حاضِرٌ، نُظِرَ: إنْ لم يكُنْ له إلا المفقودُ، توقَّفْنا إلى أن يتبيَّن أنه كان حياً عنْ مَوْت الحاضر أو ميتاً، وإن كان له غير المفقُودِ، توقَّفْنا في نصيب المفْقُود، وأخذنا في حقِّ محل واحدٍ من الحاضِرِينَ بالأسْوإِ، فمن يسقط منهم بالمفقود لا يُعْطَى شيئاً إلى أن يتبيَّن حاله (١)، ومن ينقص


(١) قال الشيخ جلال الدين البلقيني: بقي قسم رابع وهو من يستحق بتقدير حياته فيقدر في حقه موته. مثاله: بنتان وبنت ابن وابن ابن غائب وأخ شقيق حاضر. فإن بنت الابن إن كان ابن الابن =

<<  <  ج: ص:  >  >>