للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَلاَلَةَ الاستهلال وقال مالكٌ: الاعتبارُ بالاستهلاَلِ لا غَيْرُ

وحكى الإمامُ اختلافَ قول في الحركَةِ والاختلاج، ثم قال: وليْسَ موْضع القولَيْنِ ما إذا اقبض اليد وبَسَطَها، فإنَّ هذه الحركةَ تَدُلُّ على الحياة قَطْعاً، ولا الاختلاج الذي يقع مثلُه؛ لاِنْضِغَاط وتقلُّصٍ، عصب فيما أَظُنُّ (١)، وإنما الاختلاف فيما بيْن هاتَيْن الحركَتَيْنِ، والظاهرُ كيف ما قُدِّرَ الخلافُ أن ما لا تعلم به الحياةُ، [و] يمكن أن يكون مثلُهُ لانتشار، بسبب الخروجِ من المَضِيقِ، أو لاستواء عن التواء فلا عبرة به كما لا عبرة بحركة المذبوح.

ولو ذُبح رجُلٌ، وهو يتحرَّك، فمات أبُوهُ في تلْك السَّاعة، لم يرثِ المذبُوحُ منه.

وفي "تجربة" الرُّويَانِيَّ وجه آخر ضعيفٌ، أنَّه يرث، وحكَى الحناطيُّ قريباً منه عن المُزَنِيِّ (٢).

الفَصْلُ الثَّاني: فيما قبل الانْفِصَالِ، ومهما ظهرت مخايلُ الحَمْل، فلا بُدَّ من التوقُّف -كما سنفصله- وإنْ لم تظهر مخايلُهُ، وادعت المرأةُ، ووصفت علاماتٍ خفيَّةً، ففيه تردُّد للإمام.

والظاهر الاعتمادُ علَى قوْلِهَا (٣)، وطرد التَّرَدُّد فيما إذا لم تدَّعه، لكنها قريبةُ العَهد بالوطء، واحتمالُ الحَمْلِ قريبٌ.

إذا عرف ذلك، فإن لم يكُنْ للميِّتِ وارِثٌ سوى الحَمْل المرتَقَبِ، وقفنا المَالَ إلى أن ينْفَصِلَ. وإن كان له وارثٌ آخَرُ، فَعَنْ أبي حنيفةَ ومَالِكِ، أنه يوقَفُ أيضاً، ولا يُصْرَفُ شيْءٌ منْه في الحالِ إلَى سائر الورثةِ.


(١) وهذا الذي ظنه صرح به صاحب التقريب فقال: قد يعرف حياته بالحركة إلا أن تكون حركته نحو اختلاج اللحم فلا يجعل بذلك حياً. انتهى.
(٢) قال النووي في زياداته: هذا الوجه غلط ظاهر، فإن أصحابنا قالوا: من صار في حال النزع، فله حكم الميت، فكيف الظن بالمذبوح. والله أعلم.
قال الشيخ البلقيني: ما نقله النووي عن الأصحاب يخالفه أنه جزم في الجنايات بأن قاتله يقتل ولم يعطه حكم الميت، وفي كلام حكيناه عن القاضي الحسين في الجنايات أنه لا يقتل قاتله ولم يذكره.
(٣) عجيب منه في حكايته هذا الخلاف تردد، وهو قد حكاه في الجنايات وجهين مشهورين، والشافعي نص في الأُم على المسألة وأنه يعتمد عليها، وقال العجلي في مقدمة له في الفرائض: فإن قيل: كيف ينتظر بمجرد قولها أربع سنين وربما تكون كاذبة، قلنا: إن ظهرت مخايل الحمل أو كانت موطوءة وطأً يحمل العلق فلا بد من الوقف للعلامة، وإن لم تظهر علامته فالأُولى الوقف؛ لأنها أعرف بالعلامات، وهي مؤتمنة على ما في رحمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>