للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في "الإبانة" وبه قال بعض أصحابنا وحكاه الشيخ أبو خلف الطَّبَرِيُّ قولاً عن رواية الرَّبِيعِ.

والظاهر من مذْهَبِنَا ومذْهَبِ أبي حنيفة: أنَّه لا يوقَفُ الجميع، ولكن يُنْظَر في الظَّاهِرين من الورثة فيمن يحجبه الحمل، إذا انفصل حَيّاً؛ إِما مطلقاً؛ كأولاد الأمِّ، إذا كان الحَمْلُ من الميِّت أو على بَعْضِ التقديرات؛ كأولاد الأبِ والأُمِّ لا يُدْفَعُ إلَيْه شيْءٌ، ومن لا يَحْجُبُهُ الحَمْل، وله مقدَّر لا ينقص منه، دُفِعَ إلَيْه، فإن أمكن العول دُفِعَ إلَيْه ذلك القَدْر عائلاً.

مثالُهُ: زوْجَةٌ حامِلٌ وأبوانِ، يُدْفَعُ إلى الزَّوْجة ثُمُنٌ عائل، وإلى الأبوَيْنِ سدُسَانِ عائلاَنِ؛ لاحتمالِ أنْ يكُونَ الحَمْلُ بنْتَيْنِ، فإن لم يكُنْ له نصيبٌ مقدَّرٌ؛ كالأولاد، فهل يُصْرَفُ إليهم شَيْءٌ؟ يبنَى علَى أنَّه، هَلْ لِأَقْصَى عددِ الحَمْلِ ضبْطٌ؟ والأصحابُ فيه مختلفُونَ؛ فعن شَيْخَي المَذْهَبِ أبِي حَامِدٍ والقَفَّال: أنه لا ضَبْطَ لذلك، وبه قال أصحابُنَا العراقيُّون والصَّيْدَلاَنِيُّ والقاضي حُسَيْنٌ؛ لأن الشافعيَّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: أخبرني شيخ باليَمَنِ أنَّه وُلِدَ له خمْسَةُ أولادِ في بَطْنٍ واحدٍ.

وعن ابن المِرْزُبَانِ أن امرأةً بالأنبار أَلْقَتْ كيساً، فيه اثْنَا عَشَرَ ولداً، وذكر صاحب "التهذيب" أن هذا أصَحُّ.

وقال آخَرُونَ: أقصى الحمْل أربعةٌ، وهذا ما أوردَهُ صاحب الكتاب والقاضي ابن كَجٍّ، وجعله الفرضيون قياسَ قَوْل الشافعيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وأَرَادُوا به أنَّ الشافِعِيَّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يتبع في مثْل ذَلِكَ الوُجُودِ، وأكثر العدد الذي وُجدَ أربعةٌ.

لكن هذا يشكل بما نقله الأَوَّلُون.

وروى عبْدُ الله بْنُ المبَارَكِ عن أبي حَنِيْفَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مثْلَ الوَجْهِ الثاني.

فلو قلْنا بالأَوَّل: فلو خلَّف ابْناً وأمَّ وَلَدٍ حاملاً، لم يُصْرَفُ إلى الابْنِ شيْءٌ، ولو خلَّف ابْناً وزوجةً حاملاً، فلها الثمُنُ، ولا يُدْفَعُ إلى الابْنِ شيْءٌ، وعلى الثاني له الخُمُسُ أو خُمُس الباقي على تقدير أنَّهم أربعةٌ ذكورٌ.

وعلى هذا؛ فهل يُمَكَّنُ الذين صرف إليهم حصَّتهم مِنَ التصرُّف فيها؟ عن القفَّال: أنهم لا يُمَكَّنُون منْه؛ لأنَّه قد يَهْلِكُ الموقوف للحَمْل، فيحتاج إلى استِرْدَادِ، والحاكمُ، وإن كان يَلي أمْرَ الأطْفَال، لكنه لا يَلِي أمْرَ الأجنَّة، فلا يمكن حمْل ما جَرَى على القسمة.

والظاهرُ التمكن، ولَو مُنِعُوا من التصرُّف، لما دفع إليهم. ثم الموقوفُ للحَمْلِ على الوجْهِ الثَّاني، قدْ يكُونُ بتَقْدِير الذُّكُورة أكثر كما إِذا خلَّف ابْناً وحَمْلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>