للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ومن السهل معرفة ذوي الأرحام بعد ما عرفت أصحاب الفروض والعصبات فكل من خرج عنهما ممن يستحق المال فهو من ذوي الأرحام.
وقد اختلف الصحابة والتابعون والفقهاء في توريثهم إذا كان بيت المال موجودًا ومنتظمًا:
فذهب الشَّافعي إلى أنه لا ميراث لهم وقال إن بيت المال أولى منهم وهو قول زيد بن ثابت وإحدى الروايتين عن عمر وعليه مالك وأكثر أهل المدينة والأوزاعي وأكثر أهل الشام.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: إن ذوي الأرحام أولى بالميراث من بيت المال وهو قول علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وإحدى الروايتين عن عمر.
ومن التابعين عمر بن عبد العزيز والحسن البصري وشريح والشعبي وطاوس.
ومن الفقهاء أهل العراق وأحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه. استدل الأولون بوجوه:
الأول: ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" فأشار -صلى الله عليه وسلم- إلى ما في القرآن من المواريث وليس فيه لذوي الأرحام شيء: ولو كان لهم حق لبينه. وما كان ربك نسيًّا فمن جعل لهم حقًا فقد زاد على النص. والزيادة على النص لا تثبت بخبر الواحد أو القياس:
الثاني: ما رواه عطاء بن يسار: "أتى رجل من أهل البادية فقال يا رسول الله -إن رجلًا هلك وترك عمة وخالة. فقال اللهم رجل ترك عمة وخالة -ثم سكت هنيهة- ثم قال لا أرى نزل علي شيء لا شيء لهما".
وروى زيد بن أسلم عن علي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ركب إلى قباء يستخير الله تعالى في العمة والخالة فنزل عليه أن لا ميراث لهما.
وأيضًا -روى عمران بن سليمان- أن رجلًا مات فأتت بنت أخته النبي -صلى الله عليه وسلم- في الميراث. فقال: "لا شيء لك -اللهم من منعت ممنوع، اللهم من منعت ممنوع".
الثالث: أن مشاركة الأنثى لأخيها أثبت في الميراث من انفرادها. ألا ترى أن بنات الابن يسقطن مع البنتين وإن شاركهن ذكر ورثن وصرن له عصبة. فلما كان بنات الأخوة والأعمام يسقطن مع أخواتهن كان أولى أن يسقطن بانفرادهن.
واستدل الآخرون على مذهبهم بما يأتي:
"١" قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} فلا يجوز منعهم من الميراث وقد جعلهم الله أولى به.
وأجيب عن هذا:
"١" أن المقصود بالآية نسخ التوارث بالحلف والهجرة ولم يرد بها أعيان من تستحق الميراث.
"٢" أن قوله: {بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} دليل على أن ما سوى ذلك البعض ليس بأولى لأن التبعيض يمنع الاستيعاب.
"٣" أنه تعالى قال: {فِي كِتَابِ اللَّهِ} وكان ذلك مقصورًا على ما فيه وليس لهم فيه ذكر فدل على أن ليس لهم في الميراث حق.
"٤" أن قوله تعالى: {أَوْلَى} محمول على ما سوى الميراث من الحضانة وما جرى مجراها إذ ليس في الآية ذكر ما هم به أولى.
"ب" ما رواه طاوس عن عائشة ورواه غيره عن عمر رضي الله عنهم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>