للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ضَاقَ المَالُ عنْ سِهَام ذَوِي الفُرُوض، تُعَالُ المسألةُ، أيْ: تُرْفَعُ سُهَمَانُهَا؛ ليدخل النقصُ عَلَى كلّ واحد بقدْر فرضِهِ؛ لأن كلَّ واحدٍ منهم يأخَذُ فَرْضَهُ عنْدَ الانْفرادِ بتمامه، فإذا ضاق المالُ عن الوَفَاءِ بها، وجب أن يقتسموا عَلَى قدْر الحقوق؛ كأصحاب الدُّيون والوصايا.

وقدِ اتَّفَقَتُ الصحابة -رضِيَ اللهُ عَنهُم- علَى العَوْلِ في زمانِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وعنهم أجمعين حين ماتَتْ امرأةٌ في عهْدِهِ عَنْ زوج وأختَيْنِ فكَانَتْ أولَ فريضةٍ عائلةٍ في الإسلامِ فجَمَعَ الصَّحابَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- وقالَ لهُمْ:

فَرَضَ الله تَعالَى للزَّوْجِ النِّصفَ وللأُخْتَيْنِ الثُّلَثين، فإنْ بدَأتَ بالزَّوج، لم يَبْقَ للأُخْتَيْنِ حَقُّهُما، وإنْ بدأتُ بالأُخْتَيْنِ لَم يَبْقَ للزَّوجِ حقُّه، فأَشِيرُوا عَلَيَّ، فأَشَارَ إليه العبَّاسُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بالعَوْلِ، وقَالَ:

أَرَأَيْتَ لو ماتَ رجلٌ قدْ تَرَكَ ستَّةَ دَرَاهِمِ وَلِرَجلٍ عَلَيْهِ ثلاثةٌ ولآخَرَ أربعةٌ، أَليْسَ يجعلُ المالَ سبعةَ أَجْزَاءٍ؟ فأخذتِ الصحابةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- بِقَوْلِهِ، ثُمَّ أظْهَرَ ابنُ عبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- الخِلاَفَ فيهِ بَعْدَ ذَلِكَ، ولَمْ يأخذْ بِقَولِهِ إلاَّ قليلٌ.

إذا عَرَفْتَ ذَلِكَ، فالأعدادُ التسعة الَّتِي هِيَ الأصولُ المتَّفقُ علَيْهَا مِنْهَا ناقصٌ، وهو الَّذي إذَا اجتَمَعَتْ أجْزَاؤه الصحيحة كانت أقل منه وتام: وهُوَ الَّذِي إذَا اجتمعت كانت مثله وفائد وهو الذي إذا اجتمعت كانت أكثر منه فالاثنانِ والثلاثة والأرْبَعة والثمانية ناقصةٌ؛ لأنَّه ليْس للابنين للاثْنَيْنِ جزْءٌ صحيحٌ إلاَّ النِّصفُ وأنه واحدٌ، وللثلاثةُ إلاَّ الثُّلثُ وأنَّه واحدٌ، ولَيْسَ للثُّلَثانِ جزءًا آخر وإنَّما هو تَضْعِيفَ الثَّلثُ، وَجُعِلَ فَرْضًا برأسه؛ لأنَّ النَّظَرَ هُنَاكَ إلى المُقَدَّراتِ الَّتِي يَستَحِقُّها الصِّنْفُ الوَاحدُ منَ الوَرَثَةِ، والأرْبَعَةُ لَيْسَ لَها إلاَّ الرُّبُعُ والنِّصْفُ وهُمَا ثَلاثةٌ، والثَّمانِيَة لَيْسَ لَهَا الثُّمُنُ والرّبُعُ والنِّصْفُ، ومجموعُهُما سَبْعَةٌ. فأجزاءُ هذِه الأعدادُ أقلُّ مِنْهَا. والسنَّةُ تامَّةٌ؛ لأنَّ لها السُّدُسَ، والثَّلثَ والنِّصفَ والمجْمُوعُ ستَّةٌ بِلا زِيادةٍ ولا نُقْصَانٍ.

والاثْنَا عَشَرَ والأربعةُ وعشرونَ زائِدَان؛ أمَّا الأَوَّلُ فَلَه السُّدُسُ والرُّبعَ والثُّلثُ والنِّصفُ، والمجموعُ خمسةَ عشرَ وأمَّا الثّاني فله الثُّمنُ والسُّدُسُ والرُّبُعُ والثُّلثُ والنِّصْفُ، والمجموعُ ثَلاثةٌ وثَلاثُون، فالنَّاقِصَةُ من هَذِه الأُصُولِ لا يَدْخُلُها العَوْلُ والتَّامةُ والزائِدَةُ وَهِيَ الستَّةُ وضِعْفُها وَضِعْفُ ضِعْفِها يَدْخُلُها العَوْلُ أمَّا الستَّةُ فَتَعُولُ أَرْبَعَ مراتٍ علَى التَّوالِي تَعُولُ بِسُدُسِها إلى سَبْعَةٍ كَزَوْجٍ وأُخْتَيْنِ، وبثُلُثِها إلى ثَمانِيةٍ كهؤلاء وأمّ وبنصفها إلى تسعبةٍ كَزَوْجٍ وأختَيْنِ لأَبٍ وأمٍّ وأُخْتَيْنِ لأمٍّ وبثلثيها إلى عشرة كهؤلاء وأمِّ وتُسَمَّى هذه المسْأَلَةُ، أُم الفُرُوج لكثرةِ السِّهَامِ العائِلَةِ فِيها و"الشُّرَيْحِيَّةُ"، لوقُوعِها في زَمَنِ شُرَيحٍ وَقَضَائِهِ فِيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>