للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(نصيب) الشريك، كما لو أَعْتَقَ نصيبه، وإذا كان كالإعتاق، لم يقدح القتل فيه، كما إذا أعتق العَبْد، ثم جاء العبدُ وقتله، وكذلك مستحِقُّ الدَّين المؤَجَّل، إذا قتل مَنْ عليه الدَّينُ, حلَّ أجله؛ لأنَّ الأجل حقُّ مَنْ علَيْه الحق، أثبت ليرتفق به بالاكتساب في المدَّة، فإذا هَلَك، فالحَظُّ له في التعجيل؛ لتبرأ ذمته.

وإذا قتل المدبَّر سيده، فَيُبنى على أن التَّدبير وصيَّة، أو تعليقٌ عتق بصفة؟ إن قلنا بالأول، فهو كما لو أوْصَى لإنسانِ، فجاء وقتله، وإنْ قلنا بالثاني، عَتَقَ؛ كالمستولدة، وقال في "التهذيب": إن صحَّحنا الوصية للقاتل، عَتَقَ المُدَبَّر، إذا قتل سيده، وإن لم يصحِّحها, لا يُعْتَقُ، ويبْطُل التدبير، سواءٌ جعلنا التدبير وصيَة، أو تعليقاً للعِتْق؛ لأنه، وإن كان تعليقاً، فهو في حكم الوصية, لأنه يُعْتَبَرُ من الثلث، وهذا إثباتٌ للخلاف، سواءٌ جعلناه وصيَّة، أو تعليقاً وإذا أوصَى لعبدِ جارِحِهِ، أو لمُدَبَّرِهِ، أو لمسْتَوْلَدَتِهِ، فإن عَتَقَ قبل موت الموصِي، صحَّت الوصية له، وإِن انتقل منه إلَى غيره، صحَّت الوصية لذلك الغيرُ، وإلاَّ، فهي وصيةٌ للجارح، ولو أوصَى لعبد بشيء، فجاءه العبد، وقتله، لم تتأثر به الوصيةُ، وإن جاء [السيد]، وقتله، فهي وصيةٌ للقاتل.

ولو أوصى لمكاتَبٍ، فقتل المكاتَبُ الموصِيَ، فإن عَتَقَ، فهي وصية للقاتل، وإن عجز، فالوصيةٌ صحيحةٌ للسيد وإن جاء سيِّد المُكَاتَب، فقتله، فالحكم بالعكس، وتجوزُ الوصيَّة للعَبْد القاتل؛ لأنها تَقَعُ للسيد.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَأَمَّا الوَارِثُ فَلاَ وَصِيَّةَ لَهُ لِقَوْلهِ -صلى الله عليه وسلم- أَلاَ لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثِ، وإنْ أَجَازَ الوَرَثَةُ وَصِيَّةَ الوَارِثِ وَالقَاتِلِ وَصِيَّةَ الأَجْنَبِيِّ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ نَفَذَتْ في أَصَحِّ القَوْلَيْنِ وَكَانَ تَنْفِيذاً أَوْ اِمْضَاءً، وَفِي القَوْلِ الثَّانِي هُوَ ابْتِدَاءٌ (ح م) عَطِيَّةٍ مِنَ الوَرَثَةِ، فَإِنْ كَانَ عِتْقَاً فَلَهُمْ الوَلاَءُ، وَلَوْ أَوْصَى لِكُلِّ وَارِثٍ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَهُوَ لَغْوٌ، فَإِنْ خَصَّصَ كُلَّ وَاحِدٍ بِعَيْنٍ هِيَ قَدْرُ حِصَّتِهِ فَفِي الحَاجَةِ إلَى الإِجَازَةِ فِيهِ خِلاَفٌ، وَالأَظْهَرُ: أنَّهُ يَحْتَاجُ إِذْ يَظْهَرُ الغَرَضُ في أَعْيَانِ الأَمْوَالِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ عَيْنُ مَالِهِ مِنْ إِنْسَانٍ يَنْفَذُ (ح و)، وَلاَ خِلاَف أنَّهُ لَوْ بَاعَ في مَرَضِ المَوْتِ عَيْنَ مَالِهِ من وَارِثِهِ بِثَمَنِ المِثْلِ نَفَذَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: المسألةُ السادسةُ: الوصيةُ للوارث، وتُقدَّم عليها أن الإنسانَ لا ينْبَغِي أن يوصِيَ بأكثر من ثُلُثِ ماله (١)؛ لخَبَرِ سَعْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- المذْكُورِ في أول


(١) قال في الخادم: هذه العبارة أي عبارة الرافعي لا ينبغي أن يوصي بأكثر من الثلث غير مخلصة وأحسن منها فينبغي لا يوصي بأكثر من الثلث -وهي عبارة الروضة- وبها عبر البغوي والمتولي والخوارزمي، وقال القاضي الحسين؛ لا يجوز، ومثله قول ابن سريج في الودائع "ليس له ذلك" =

<<  <  ج: ص:  >  >>