للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب، فإن فَعَل، فإمَّا أن يكونَ له وارثٌ خاصٌّ، أو لا يكونَ، إنَّ كان، وردَّ الوارث، ارتدَّتِ الوصيةُ في الزِّيَادة على الثلث، وبطَلَتْ، وإن أجاز دَفْعَ المال إلى الموصَى له، وما حَالُ إجارته، أهِيَ تنفيذٌ وإمضاءٌ؛ لِتصرُّف الموصِي، أم ابتداءٌ عطيةٍ من الوارث؟ فيه قولان:

أحدهما: أنها ابتداءُ عطية تُصرُّفُ الموصِي لاغٍ في الزيادة على الثلث؛ لأنَّه منهيٌّ عنه، والنهْيُ يقتضي الفساد، وأيضاً، فإن الزيادة متعلِّق حقِّ الورثة، فيلغو تصرُّفُه فيها، كتصرُّف الراهن في المرهون.

وأصحُّهما: أنَّه تنفيذ وإمضاءُ لتصرُّف المُوصِي، وتصرُّفُهُ موقوفٌ عَلَى الإجازة؛ لأنَّه تصرُّف مصادف للملك، وحقُّ الوارث إنما يثبت في ثاني الحال، فأشبه بَيْع الشِّقْصِ المشْفُوع، ويدل على انعقاده أنه لو برأ من مرضه، نفذت تصرفاته، ولم يفتقر إلَى الاستئناف، وقد يُعبَّرُ عن الغرض بعبارةٍ أخرَى، وهي أن الوصية بالزيادة، (على الثلث) (١) غيرُ نافذةٍ إنَّ لم يجز الوارث، وإن أجاز، ففي نفوذها بالإجازةِ قَوْلاَن.

فإن لم يكن له وارثٌ خاصٌّ، فوصيته بالزِّيَادة على الثلث باطلة؛ لأنَّه لا مجيز،


= ونحوه، وقول الماوردي "فأما الزيادة على الشك فممنوع منها في قليل المال وكثيره لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى سعداً". انتهى.
وهو ظاهر في التحريم، وكذا قال أبو زكريا الساجي في كتاب "اختلاف الفقهاء" أنه لا يجوز أن يوصي بأكثر من الثلث، قال الشيخ البلقيني وولده الشيخ جلال الدين لو كان في الورثة صغير أو معتوه أو بالغ سفيه ففي "الأم" في باب اختلاف الورثة قبل الوصية للقرابة قال الشَّافعي -رحمه الله-: ولو كان في الوصية صغير أو بالغ محجور عليه، أو معتوه، لم يجز على واحد من هؤلاء أن يجز في نصيبه شيئاً جاوز الثلث من الوصية، ولم يكن لولي واحد من هؤلاء أن يجيز ذلك في نصيبه، ولو أجاز ذلك في ماله كان ضامناً له في ماله، فإن وجد في يدي من أجيز له أخذ من يديه، وكان للولي أن يتبع من أعطاه إياه بما أعطى منه؛ لأنَّه أعطاه ما لا يملك. انتهى. ينظر الأم ٤/ ١٤٥.
وحاصله أن الولي لا يجوز له أن يجيز ولا يجب عليه أن يرد ولا يعطل التصرف في العين بل يجوز بيعها والتصرف فيها.
فإن قيل هل يجزي جواز البيع والتصرف في البالغ الرشيد قبل أن يرد إذا كان وارثاً يحتمل أن يجزي ويحتمل أن يفرق بأن له مندوحة في ذلك بأن يرد -باللفظ- وهذا الثاني أولى. انتهى.
وذكر في الخادم ذلك ولم يحزه لنقل شيخه ونقل عن الماوردي أنه لا يصح إجازة الورثة إلا من بالغ عاقل جائز الأمر، فإن كان فيهم صغير أو مجنون أو محجور عليه بسفه لم يصح منه الإجازة، ولا من الحاكم عليه، ولا من وليه لما في الإجازة عليهم من تضييع حقهم ولا ضمان على الولي المجيز ما لم يُقبض، فإن أقبض صار ضامناً بقدر ما أجازه من الزيادة. قاله البكري.
(١) سقط في: ب، ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>