للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادسة: إذا وقع الطاعونُ في البلد وفشا الوباء، فهَلْ هو مخوفٌ في حقِّ من لم يُصِبْه؟ فيه وجهان مخرَّجان من الخلاف في الصورة السابقة، والأصحُّ أنَّه مخوفٌ قاله صاحب "التهذيب".

السابعة: الحاملُ قبل أن يضْرِبَها الطَّلْق، ليست في حال خَوْف.

وقال مالكٌ -رحمه الله-: إذا بلغت ستة أشهر؛ دَخَلت في حال الخوف، واحتج الأصحاب بأنَّها ما دامَتْ حاملاً لا تخاف الموت، وإنما تخافُة عند حدوث الطَّلْق، وإذا ضربها الطلق، ففيه قولان:

أصحُّهما: أن الحال حالُ خَوْفٍ؛ لصعوبة أمر الولادة.

والثاني: المنعُ، وُينْسَبُ إلَى رواية الشيخ أبي حامد؛ لأن الغالب السلامة، وإذا وضعَتَ، فالخوف باقٍ إلَى أن تنفصل المشيمة، فإذا انفصلتْ، زال الخوف، إلاَّ إذا حصل من الولادة جراحَةٌ، أو ضَرَبَانٌ شديدٌ، أو ورمٌ أو إلقاءُ المضْغَةِ، أو العَلَقَةِ.

قال الشيخ أبو حامد، وابن الصباغ: لا خوْفَ منهه؛ وفي "التتمة" أن إِلقاء المُضْغة كالولادة، وموت الولد في البَطْن يوجِبُ الخوف (١)، هذا، [هو] أحد مقاصِدِ الفَصْل، وهي كثيرة.

والثاني: إذا، أشكل الحال في مرض؛ فلم يدر، أهو مخوفٌ أم لا؟ فالرجوعُ فيه إلَى أهل الخبرة [والعلم بالطِّبّ، ولا بدّ في المرجوع إليه من الإسلام والبلوغ والعدالة والحرية] (٢)، ولا بد من العدد أيضاً وقد ذكرنا وجهاً في جواز العدول من الوضوء إلى التّيمم بقول الصبيِّ - المراهق والفاسِق، ووجهاً في أنه لا يُشْتَرَطُ فيه العددُ، وعن أبي سليمان الخطابيِّ وجْهٌ لم نَذْكُرُه في ذلك الباب، أنه يجوز العدُولُ من الوضوء إلى التيمم يقول الطبيب الكافر، كما يجوز شُرْب الدواءِ من يده، وهو لا يَدْري أنه دواء، أو داء ولا يبعُدُ أن تطرد هذه الاختلافات هاهنا، وقد قال الإمام: الذي أرى أنه يلحق بالشهادات [من كُلِّ وجه]، بل يلحق بالتَّقْويم وتعديل الأنصباء في القسمة، حتى يختلف الرأْيُ في اعتبار العدد (٣).


(١) قال النووي: وإذا كان المرض مخوفاً، فتبرع، ثم قتله إنسان، أو سقط من سطح فمات، أو غرق، حسب تبرعه من الثلث، كما لو مات بذلك المرض ذكره البغوي.
(٢) سقط في: ز.
(٣) قال النووي: المذهب: الجزم باشتراط العدد وغيره مما ذكرنا أولاً، لأنه يتعلق بهذا حقوق الآدميين من الورثة والموصى لهم، فاشترط شروط الشهادة كغيرها من الشهادات، بخلاف التيمم، فإنه حق لله تعالى مبني على المسامحة، مع أنَّه ينتقل إلى بدل، وليس كالتقويم الذي هو تخمين في محسوس يمكن تدارك الخطأ، إن وقع فيه.
قال في المطلب: الفرق بين مسألتنا وباب التيمم أن ذلك لا يتوقف الأمر فيه على الرفع إلى =

<<  <  ج: ص:  >  >>