للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحداً، ولو علَّق عتقهم بالموت، أُقرعَ بينهم، سواء قال: [إذا مت] (١) فسالم حر وغانمٌ حرٌّ، وفائقٌ حرٌّ، أو قال: فَهُم أحرارٌ ولو قال: إذا مِتُّ، فسالمٌ حُرٌّ، وإن مِتُّ من مرضي هذا، فغانم حرٌّ، فإن مات من ذلك المرض، ولم يف الثُّلُثُ بهما، أُقْرعَ بينهما، وإن برأ ومات بعده، بَطَل التدبيرُ المقيد، وعَتَقَ سالم [والله أعلم].

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ فَقَالَ لِغانِم: إنْ أَعْتَقْتُكَ فَسَالِمٌ حُرٌّ ثُمَّ أَعْتَقَ غانِمَاً وَالثُّلُثُ لاَ يَفِي إِلاَّ بِأحَدِهِمَا تَعَيَّنَ غانِمٌ لِلْعِتْقِ وَلاَ قُرْعَةَ فإنَّهَا إِنْ خَرَجَتْ عَلَى سَالِمٍ فَكَيْفَ يُعْتَقُ وَلَمْ تُوجَدْ فِي حَقِّهِ الصِّفَةُ الَّتي عُلِّقَ عَلَيْهَا عِتْقُهُ وَغَانِمٌ كَانَ السَّبَبَ وَسَالِمٌ كَانَ المُسَبِّبَ فَكَيْفَ يُقَدَّمُ المُسَبَّبُ عَلَى السَّبَبِ، وَإِذَا وَصَّى بِعَبْدٍ هُوَ ثُلُثُ مَالِهِ وَثُلْثَا وماله غائِبٌ لَمْ يتسَلَّطِ المُوصَى لَهُ عَلَيْهِ، وَفِي تَسْلِيطِهِ عَلَى الثُّلُثِ خِلاَفٌ (و)، وَوَجهُ المَنْعِ مَعَ أنَّهُ مُسْتَحِقٌّ بكُلِّ حَالٍ أَنَّ حَقَّ الوَارِثِ أَن يَتَسَلَّطَ عَلَى مِثْلَى مَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ المُوصَى لَهُ وَهُوَ غَيرُ مُمْكَّنِ هَاهُنَا.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: في الفصل مسألتان:

إحداهما: له عبدانِ؛ سالم، وغانم، فقال: إنْ أعتقتُ غانمًا، فسالمٌ حرٌّ، ثم أعتق غانمًا، في مرض موته، فإن خرجا من الثلث، عَتَقًا، وإن لم يخرُجْ إلاَّ أحدهما، ففيه وجه ضعيف، أنه يُقْرَعُ بينهما، كما له قال: أعتقْتُكُمَا، والمذْهَبُ أنه لا يُقْرَعُ، بل يتعيَّن للعتق غانم؛ لأنا لو أقرعنا، فربما تخرج القرعة عَلَى سالم، فيلزم إرقاق غانم، وإذا رَقَّ غانم، لم يحصل شرط عتق سالم، وبعضهم يقول في التوجيه: إن عِتْقَ سَالِمٍ مرتَّبٌ على عِتْقِ غانِمٍ، والأسبق أولَى بالنفوذ، لكن سيأتي -إن شاء الله تعالى- في "أبواب الطلاق" أن مثل هذا الترتيب لا يقْتَضِي سبقًا زمانيًّا وإنما تثبت الأولويةُ لما هو أسبق إذا سبق بالزمان، فالتوجيه الأول أوضَحُ.

ولو قال: إن أعتقتُ غانمًا، فسالمٌ حرٌّ في حال إعتاقي غانمًا، ثم أعتق غانمًا في مرَضَهِ، فالجواب كذلك، ولا فرْقَ، وعلى هذا؛ لو قال: إنْ أعتقتُ غانمًا، فسالمٌ وفائقٌ حُرَّانِ، ثم أعتق غانمًا، والثلثُ لا يَفي إلاَّ بأحدهم، تعيَّن للعتق غانم، ولا قرعةَ، وإن فَضَل من الثلث شيءٌ أُقْرعَ بيْن الآخرَيْنِ، فمن خرجَتْ له قرعةُ الحرَّيةِ، عَتَقَ كلُّه، إن خرج كلُّه، وبعضُه، إن لم يخرج إلاَّ بعضُهُ، وإن كان يخرج أحد الآخرَيْن من الثلث بعْض [الثالث] (٢) فالذي خرجَتِ القرعةُ له، يُعْتَقُ كلُّه، وُيعْتَقُ من الآخَر بعضه.

ولو قال لعبده: إن تزوَّجْتُ، فأنْتَ حُرٌّ، ثم تزوج في مرض الموت، فقد ذكرنا


(١) سقط في: أ، ز.
(٢) في ب: المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>