للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدُها: أنَّه يرثُ؛ لأنَّ توريثَه لا يؤدِّي إلى حِرمانِ القابِل، فصار كَما لو ماتَ عن ابْن مشهورِ النَّسِب، وأقرَّ بابنٍ آخرَ يرثان معاً. ولو ماتَ عن أخٍ، فأقرَّ بابن للميِّتِ، ثبتَ نسبُه ولَمْ يَرِثْ.

وأظهرُهُما: وهو المذكورُ في الكتاب: المنعُ؛ لأنا لَوْ ورَّثْنَاه؛ لارتدَّ حقٌّ القابل من القَبولِ في الكلِّ إلى القبولِ في النِّصفِ، ولا يصحُّ من المُوصَى بِهِ أن يقبلَ نصيبَ نَفْسِه؛ لأنَّه إنَّما يقبلُ إذا كانَ وارِثًا، وإنَّما يكونُ وارِثًا إذا عُتِقَ، وإنَّما يُعْتَقُ إذا قَبِلَ، فإذا يَبَقَّى نصفَه رقيقاً، ومَنْ بعضُه رقيقٌ، لا يرثُ، كمن كلُّه رقيقٌ.

قال الشَّيخُ أبو عليٍّ: ويفارقُ هذا إقرارُ الابنِ بابنٍ آخرَ؛ لأنَّهما حينئذٍ مُقِرَّانِ بأنَّهما ابنَا الميِّت، فورثا المال. وهاهُنَا العتقُ في جميعِه لا يصحُّ إلاَّ بقبولِ من يجوز جميع التَّرِكَةِ، ولا مدخل [للمقبول] (١) في القبولِ، فإنه لم يكنِ الأولُ جَائزاً، بَطُلَ القَبولُ من أصلِهِ.

والوجهُ الثَّالثُ: عن الدَّاركي: أَنَّه إن ثَبَت القبولُ للمَوصَى له، وهو مريضٌ، لم يرِثْه؛ لأنَّ قبولَ ورثته كَقَبُولِه، ولو أنَّه قَبَلَه لكانَ وصيَّةً والإرثُ والوصيَّةُ لا يجْتَمِعَانِ. وإنْ ثَبَت، وهو صحيحٌ ورِثَهُ ولا يَخْفَى بعد هذا الحاجةِ إلى إعلامِ قولِه: "عتقُ الابنِ" بالواوِ.

وقولُه: "بطريق التبيين هن وقتِ موتِ الموصِي"، جوابٌ على قولِنا: "إن المِلكَ يحصلُ بالموتِ، أو يتبينُ بالقَبُولِ حصولُه من وقتِ الموتِ"، فأمَّا إذا قلنا: "إنَّه يحصلُ بالقَبولِ"، وحكَمنا بوقوعِ العتقِ عن الموصَى لَهُ، فلفظُ الإمامِ أنَّه يسند العتقَ إلى أَلْطَفِ حِينٍ (٢) قبل موتِ الموصَى لَه، فيجوز أن يُعلَم لذلِك قوله: "من وقت موت الموصى بالواو".

وفي "مُولِّداتِ" ابنِ الحدَّادِ وشروحِها فروعٌ تتعلقُ بالاختلافِ في وقتِ الملكِ:

أحدُها: أوصَى بأمتِه الحاملِ مِن زوجِها لِزوجِها, ولابنِ لها حُرٌّ، وماتَ وخرجَتْ هي كلُّها من الثُّلثِ، فقَبلا الوصيَّةَ، وهما موسران، يُنظَر؛ إن قَبلاَها معاً، عُتِقَت الأمةُ كلُّها؛ على ابنَها النصفُ بالمِلْكِ، والباقي بالسرايةِ وعلى الزوج نصفُ قِيمتِها، وُيعتَقُ الحملُ عليهما بالسَّوِيَّةَ. أمَّا نصيبُ الزوج؛ فلأنَّه ولدُه، وأمَّا نصيبُ الابنِ؛ فلأنَّ الأمَّ عُتِقتْ علَيه، والعتقُ يَسري في الحامل إلىَ ما يملكُه المُعتِقُ من حملِها, ولا يقومُ نصيبُ واحد منهما على الآخرِ؛ لأنَّ العتقَ حصل عليهما [حصل] دفْعةً واحدةً، فأشْبَه ما إذا اشترى ابنان أباهُما وأمَّهُمَا عُتِق عليهما ولا تَقْويمَ وإن قَبِل أحدُهُمَا، قَبْلَ الآخرِ، فإنْ قلنا: يحصلُ المِلْكُ بالموتِ، أو قُلْنا بالتوقُّفِ، فالجوابُ كذلِك؛ لأنَّ وقتَ المِلْكِ واحدٌ.


(١) في ب: للقبول.
(٢) أي زمن مما في الروضة كذا في حاشية الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>