للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدُهُمَا: لا؛ لأنَّ القبول، الَّذي يترتبُ عليه العِتقُ وُجِدَ من الوارثِ؛ فيثبتُ المِلْكُ لَهُ ابتداءً، لا تلقِّيَاً من الوارثِ، كما لوْ ورِثَ حقَّ الشفْعةِ، فَأَخَذَ بِهَا، ينتقلُ المِلْكُ إليه من المُشْتَرِي لا مِن مُوَرِّثه، وهذا ما أوردَه صاحبُ "الشَّامِل" وآخَرُون.

وأظهرُهُما: نَعَم، وهو الَّذي ذكره الشَّيْخُ أَبو عليٍّ، وصاحبُ الكِتَاب؛ لأنَّ المُوصِيَ إنَّما أوجَبَ المِلْكَ للمُوصَى له فلا يثبتُ لِغَيْرِه، وإنَّما اعْتُبِرَ القَبولُ للوارثَ عَلَى سبيل النِّيَابَةِ، وهكذا كَما لو [نصب] (١) شبكةً في حياتِه، وتعلق بِهَا صيدٌ بَعدَ موتِه، فإِنا نحكم بثبوتِ المِلْكِ لَهُ.

وإنْ كانَ بين الموصَى بهِ وبَيْنَ وارثِ المُوصَى له قرابةٌ تقْتَضِي العِتْق؛ بأنْ كانَ الوارثُ أباً للمُوصَى له [فنحكم بعتق الموصى به لا محالة، ويعود الوجهان في أنه يعتق على الموصى له] (٢)، أو على وارثه، وإنَّ الولاء لمن يَثبُتْ، وإذا لم يُحكمْ بالعِتْقِ، فَهَل تُقْضَى منه ديونُ المُوصَى لَهُ، أم يسَلَّمُ للوارِث؟ فيه وجْهَانِ عن روايةِ القاضِي أبي الطَّيِّبِ في "المُجَرَّدِ" وجهٌ.

الثاني: أن الوارِثَ ملك لا من جِهَةِ المُوصَى لَهُ، [والوجه] (٣) الأوَّلِ، وهُوَ الأظْهَرُ: أنَّ الوارثَ مَلَكَ بسبب يتعلقُ بالمُوصَى لَهُ، فَهُوَ كالدِّيَةِ الواجبةِ بقَتْلِهِ، تُقْضَى منها ديونُه، وإنْ قُلْنا: إنَّها تثبت للوارثِ ابتدأ، هذا حكمُ العتقِ، وهل يرث الَّذي عَتَقَ مِنَ الموصَى لَه؟ أمَّا إذا قَبِلَ بنفسه، فيُنْظَرُ؛ إن قَبِلَ في حالِ الصِّحَّةِ، فَنَعَمْ، وإنْ قَبِلَ في مرضِ الموتِ، فإرثُه مبنيٌّ عَلَى أنَّ عِتقَهُ، إذاً حَصَلَ المِلْك [فيه] لاَ بِعِوَضٍ. بَل بِإرْثٍ، أو هِبَةٍ، أو قَبولِ وصيَّةٍ، يُعْتَبَرُ من الثُّلُثِ، أَوْ من رأسِ المالِ، وفيه وجْهَانِ مذكورانِ في الكتاب في "بابِ العتقِ" إن اعتبرنَاه من الثُّلُثِ، لم يَرِثهُ، وإلاَّ وَرِثَهُ، قالَهُ في التَّهذِيبِ، وهُوَ الَأصحُّ.

أمَّا إذَا ماتَ قَبَلَ القَبولِ، وَقَبلَ وارِثهِ، فإنْ حَكَمْنَا بحصولِ الحريَّةِ عند القَبولِ، لم يرِثْ من المُوصَى لَه؛ لتأخُّرِ عتِقه عنْدَ موتِه، وإِنْ حَكَمْنا بحصولِها عند الموتِ، فإِنْ كانَ القابلُ مِمَّنَ يحجبه المُوصَى بِهِ كالأخِ، لم يرْث؛ لأنَّه لَوْ وَرِثَ، يحجُبُ الأخَ، وأخرجَه عنْ أنْ يكونَ وارِثًا، وإذَا خرَج عنْ أن يكونَ وارِثًا، بَطَلَ قَبولُه؛ فَيَبْقى رَقِيقًا، فَيَمْتَنَعُ تَوْرِيثُه فإذن في توريثِه إبطالُ توريثِه.

وإذا كانَ القابل ممن لا يحجُبُه الموصَى بِه كابن أخ، ففيه ثلاثة أوجهٍ:


(١) في ب: طرح.
(٢) سقط في: أ، ز.
(٣) في ز: ووجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>