يشتري من ماله، وإن كان فللوارث أن يعطيه واحداً من أَرقائه، وَيشْتَرِيَ له كما يشاء، وإن قال: اشْتَرُوا له مملوكًا، فكما ذكَرْنا في قوله "اشْتَرُوا له شاةً" ولو قال: أعطوه شاة، ولم يَقُلْ من مالي، فالجواب في "التهذيب" أنَّ ذلك لا يكُونُ وصيَّةً، وحكى المتولِّي فيه وجْهَيْنِ؛ هذا أحدهما.
والثاني: تصحيحُ الوصيَّة، وجعْلُها كما لو قَالَ: مِنْ مالي؛ لأنه المرادُ ظاهراً، وهذا هو المَذهب.
الرابعة؛ لو قال: أعْطُوه عبداً، لم يُعْطَ أمةً ولا خُنْثَى مشكلًا ولو قال: أَعْطوهُ أمةً، لم يُعْطَ عبداً، ولا خنثَى مشكلًا وفي الواضح الوجْهان المذْكُوران من قَبل، ولو قال: رقيقًا يستمتع به، أو يَحْضنُ ولده، فهو كما لو قال: أمةً، ولو قال: رقيقاً يخْدمه، فهو كما لو أطْلَقَ.
الخامسة: أَوْصَى بأَن يعتق عنه عبداً، فأظهر الوجْهَيْن: أنه يعتق عنه ما يَقع علَيْه الاسم، كما لو قال: أعطو فلاناً رقيقًا.
والثاني: واختاره الماسرجسيُّ: أنه لا يعتق إلاَّ ما يجْرِي في الكفارة؛ لأن للشَّرْع عرفاً معْلُومًا في العتق، فَينزَّل لفظ الموصِي علَيْه بخلاف العَطَايا والتمليكات فإِنه لا عرف فيها.
فرع: قال اشتَرُوا بثُلُثِي عبداً، وأعتقُوهُ عنِّي فامتثل الوارث ما رَسَمُهُ، ثم ظَهَر عليه دَيْنٌ مستغرِقٌ، قال الأئِمةِ: إن اشتراه في الذمَّة، وقع عنه، ولزمه الثمن، ويكون العتْقُ عن الميت؛ لأنه أعتق عنه، وإن اشتراه بَعَيْنِ التركة، بَطَل الشراء، والعتق؛ لأنه تبين أنَّهُ تُصْرَفُ فيما يتعلَّق به حق الغير، فأشبه التصرُّف في المرهون، هكذا أطلقوه، ولم يذْكُروا فيه خلافاً؛ لكنه قد سبَقَ تفْصِيلٌ في تصرف الوارث في التركة مع قيام الدَّيْن، وذكرنا على تقدير البُطْلان خلافاً في أنه إذا تَصرَّف فيه، ثُمَّ ظَهَر دَيْنٌ، تبيَّن بطلانه، أم لا؟ وهذا ينبغي أن يكون على ذلك الخِلاَفِ.
السادسةُ: إذا قال: أعتِقُوا عنِّي رقابًا، أو قال: اشترُوا بثُلُثِ مالي رِقَابًا، وأعتقُوهُمْ، فأقلُّ عدد يَقَع علَيْهِ اسمُ الرِّقَاب ثلاثةٌ، فَيُنْظَرُ؛ إن تيسَّر شراءُ ثلاثِ رقابٍ فصاعدًا، بثلثه فعل، قال الشَّافعيُّ -رضي الله عنه-: والاستكثارُ مع الاسترْخَاص أولَى من الاستقلال مع الاستغْلاَءِ؛ ومعناه أن إعتاقَ خَمْسِ رقاب قليلةِ القيمة، أولَى من إعتاق أربعِ كثيرةِ القيمةِ؛ لما فيه من تخْلِيصِ رقبةٍ زائدةٍ عنَ الرِّقِّ، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- "مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَة أَعْتَقَ اللهُ بِكُل عُضْوٍ مِنْهَا عُضْواً مِنْهُ مِنَ النَّارِ"(١) ولا يجوزُ صرْفُ الثلث،
(١) متفق عليه من حديث أبي هريرة، وفي رواية لهما: من أعتق رقبة مؤمنة، وفي الباب عن أبي أمامة صححه الترمذي، وعن كعب بن مرة أخرجه أحمد وأصحاب السنن.