للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيجيء وجه آخُر؛ أنه يقسم المذكور بينهما، وهذا ما أجاب به الشيخ أبو الفرج الزاز، قال: وبمثله لو قال: إن كان حملها ابناً، فله كذا، وإن كان بنتاً فكذا، فولدَتِ ابنين، فلا شيء، لهما، [وفرق] بأن الذكر والأنثى أسماء جنس، فيقع على الوَاحِد والعَدَد، بخلاف الابن والبنت، وهذا ليس بمتضح، والقياسُ ألاَّ (١) فَرْق.

ولو قال: إنْ كان ما في بَطْنِهَا غلاماً، والذي في بطنها، فهو كما لو قال: إن كان حمْلُها غلاماً. ولو قال: إنْ كانَ فِي بَطْنِهَا غلامٌ، فأعطوه كذا، فولدَتْ غلاماً وجاريةً، استحق الغلامُ ما ذكره؛ وإن ولدَتْ غلامَيْن، فوجهان منقولان في "التتمة":

أحدهما: بُطْلاَنُ الوصية، وهذا يخرَّج على قولنا: "إن التنكير يقتضي التوحِيدَ".

أظهرهما: وهو المذكور في الكتاب: أنها [لا] (٢) تبطُلُ، وعلَى هذا؛ فثلاثة أوجه:

أحدها: أنه يوزَّع عليهما، فليس أحدهما أولَى من الآخر.

وأشبههما: أن الوارِثَ يتخيَّر، فيصرفه إلَى من شاء منهما، كما لو وقع الإبهام في المُوصَى به يرجع إلى الوارث.

والثالث: أنه يوقَفُ بينهما إلَى أن يبلغا، فيصطَلِحَا، وتجري الأوْجُه فيما إذا أوصَى لأحد الشخصين، وجوَّزنا الإبهام في الموصَى له ومات قبل البيان ففي وجّهٍ: يُوَزَّعُ، وفي آخر تَعْيِينِ الوارث، وفي آخر يوقَفُ بينهما إلى أن يصطلحا.

ولو قال: إن كانتْ حاملاً بغلام، أو إن ولدَتْ غلاماً، فهو كما لو قال: إن كان في بطْنِها غلامٌ، ولو قال: إن ولدت ذكراً، فله مائتان، وإن ولدت أنثَى، فلها مائة، فولدت خنَثَى، دُفِعَ إلَيْه الأقلُّ، وإِن ولدت ذَكَراً وأنْثَى (٣)، فلكل واحد منهما ما ذُكِرَ، ولو ولدَتْ ذكَرَيْن وأنثيين جاءَ الوجهان، ثم الوجوهُ الثلاثةُ في كلِّ واحدٍ من الصنفين، وقد عرفتَ ممَّا بيَّنَّا أن جوابَ صاحب الكتاب، فيما إذا قال: إن كان حَمْلُها غلاماً فأعطوه كذا، فولدَتْ غلامَيْن، لا يلائم جوابه فيما إذا قال: إنْ كان في بَطْنِها غلامٌ، فولدَتْ غلاَميْن.

وقوله: "إن جوَّزنا الإبهامَ في المُوصَى به، وصحَّحنا هذه الوصية" بَسْطٌ في العبارة، وأحدُهُمَا مغْنٍ عن الآخر، والله أعلم.


(١) قال النووي: بل الفرق واضح، والمختار ما قاله أبو الفرج، فيقسم بين الذكرين في الصورة الأولى، دون الثانية، لما ذكرناه من الفرق.
(٢) سقط في: ب، ز.
(٣) في أ: وإن ولدت ذكراً أو أنثى.

<<  <  ج: ص:  >  >>