للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للموالِي (١).

الثالثةُ: إذا أوصَى للعلماء، أو لأهل العلْم صُرِفَ إلى العُلَماء بعُلوم الشرع التفسير والحديث والفقه، ولا يدخل في هذا الاسم الذين يَسْمَعُون الحديثَ، ولا علْم لهم بطُرُقِه لا بأسامي الرواة، ولا بالمُتُون، فإنَّ السماع المجرَّد ليس بعْلم، وكذلك لا يدْخُل فيه المقرئون، والمعبّرون، والأُدَبَاء، والأَطِبَّاء، والمَنجِّمُون، والحُسَّاب، والمُهَنْدِسُون، وهكذا ذكر أكثرهم في المتكلِّمين، وفي "التتمة" أن الكلام يدْخُلُ في العلوم الشرعية، وهذا قريبٌ (٢)؛ لأن إطلاق اسم العلماء في الفُقُهَاء عُرْفٌ مشهور، وهو بالفارسيَّة في


(١) قال النووي: الصواب ما رجحه الأصحاب: أنه لا يعطي إلا من يحفظ الجميع.
(٢) قال في الخادم: الصرف لمن ذكر أي من علماء التفسير والحديث والفقه إن دلت عليه قرينة فذاك وإن كان مستنده -يعني الرافعي- العرف العام فممنوع، فقد قال الكلاباذي، إذا أطلقوا كان المفهوم منه الفقهاء، فأما سائر العلماء فإنما يستعمل لهم ما يختصون به، ولهذا يقولون هذا قول المتكلمين وقول المفسرين وقول اللغويين وقول النحاة وقول القراء ينسبون أهل كل نوع من العلم إلى منتحله. وأما العلماء قاسم يختص به الفقهاء عند الإطلاق، وحمل عليه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- "سائر العلماء" قال: أراد به علم الأحكام فإن البلوى فيه أكثر والحاجة إليه أمس. قال -أعني صاحب الخادم-: والذي قاله هو الذي يسكن إليه القلب، وقد قال المارودي: لو أوصى لأعلم الناس صرفها إلى الفقهاء خاصة لتعلق الفقه بأكثر العلوم، ويعلم من كلام الشيخ أنه لا يشترط في الصرف إليه الإحاطة بالثلاثة بل يكفي العلم بأحدها، والمراد بالمفسر العارف بمعاني الآيات وأحكامها. قال الفارقي: ولا يصرف إلى من عرف تفسير القرآن ولم يعرف أحكامه؛ لأنه كناقل الحديث. قال: وهكذا لا يصرف لمن عرف طرق الحديث، ولم يعرف أحكامه؛ لأنه لا يصير من علماء الشرع بذلك القدر وتابعه تلميذه ابن أبي عصرون في الانتصار، وإليه يرشد قول الماوردي في الوقف أنه لا يصرف للقراء وأصحاب الحديث؛ لأن العلم ما تصرف في معانيه دون ما كان محفوظاً للتلاوة، وأفتى الكيا صاحب الإمام أنه لو أوصى للعلماء أو الفقهاء يدخل فيه كتبة الحديث لحديث "من حفظ على أُمتي أربعين حديثاً" ولعله أراد كتبة الحديث لمن عنده شيء من العلم، والمراد بالفقه معرفة الأحكام الشرعية نصاً واستنباطاً فلا يدخل في ذلك الظاهر كما هو المنقول عن ابن سريج والقاضي الحسين وغيرهما والمقري والتالي. قال الشيخ ابن الرفعة في المطلب: أما العارف بالروايات ورجالها فكالعالم بطرق الحديث والمراد بالأدب النحاة وأهل اللغة قال في الخادم: وسُئِلَ ابن خزيمة عن الكلام في الأسماء والصفات فقال: بدعة ابتدعوها ولم يكن أئمة المسلمين وأرباب المذاهب وأئمة الدين كمالك وسفيان والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق ويحيى بن يحيى وأبي حنيفة ومحمد بن الحسن وأبي يوسف يتكلمون في ذلك وينهون عن الخوض فيه ويدلون أصحابهم على الكتاب والسنة فإياك والخوض فيه والنظر في كتبهم بحال.
ثم قال ويجوز أن يكون مراد الشَّافعي المتكلم الذي ذمه وقال فيه: لأن يلقى العبد ربه بكل ذنب ما عدا الشرك خير من أن يلقاه بعلم الكلام، وذلك أنهم يبنون الكلام فيه على الفلسفة وأقوال أهل البدع وخلط الحق بالباطل وعلى هذا ينزل كلام الأكثرين أما من دأبه رد البدعة وتمييز الاعتقاد الصحيح ونصرته على طريق السلف فلا شك أنه من العلوم الشرعية، وعليه ينزل كلام =

<<  <  ج: ص:  >  >>