للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لفظ دَانَسُمَنَدانَ (١) أظهر لكن لا يُعْرفُ في العُرْف فَرْقٌ بين المفسِّىر، والمحدِّث، وبين المتكلِّم، فليدخل الكلُّ، أو ليخرُجِ الكلُّ.

ولو أوصَى للمتفقهة، أو الفقهاءِ, أو الصُّوفية، فعلَى ما ذكرنا في الوقْفِ؛ لكن لفظ صاحب "التهذيب" لا يقنع؛ بما مر في تفسير الفقهاء؛ لأنَّه قال: ولو أوصَى للفقهاء، فهو لِمَنْ يُعْلَم أحكام الشَّرْع من كلِّ نوعٍ شيئاً، وفي "التتمة": أن الرجوع فيه إلى العادة فمن يُسمَّى فقيهاً يدخل فيه، ثم حكى وجهاً في أَن مَنْ حَفِظ أربعينَ مسألةً، فهو فقيهٌ؛ لما رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ حَفِظ عَلَى أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثاً، كُتِبَ فَقِيها" (٢) ولا يقْوَى هذا لِلاحتجاج؛ لأن حفظ الشيء غيرُ حفْظِهِ على الغَيْر، وأيضاً، فلا دلالة لَهُ على اعتبار أربعين مسألةً، فقد تجتمع أحاديث كثيرة في المسألة (٣) الواحِدَةِ.

ولو أوصَى لأعقل النَّاس في البلد، صُرِفَ إلَى أزهدهم في الدُّنْيا، حكاه عبد الرحمن بن أبي حاتم عن الرَّبيع، عن نصِّه، ولو أوصَى لأجهلِ النَّاس، روى القاضي الرُّويانىُّ أنه يُصْرَفُ إلى عبدة الأوثان، فإن قال: من المسلمين، قال: مَنْ يسبُّ الصحابة -رضي الله عنهم- وفي "التتمة" أنه يُصْرَفُ إلى الإماميَّة المنتظرة للقائم، وإلَى المشبِّهَة الذين يثبتون لله تعالَى الجوارحَ والأعْضَاءَ (٤).

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَوْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ دَخَلَ المَسَاكِينُ، وَلِلمَسَاكِينِ دَخَلَ الفُقَرَاء إذْ يُطْلَقُ الاسْمَان عَلَى الفَرِيقَيْنِ، وَلَوْ أَوْصَى للفُقَرَاءِ وَالمَسَاكينِ وَجَبَ الجَمْعُ بَيْنَ الفَرِيقَيْنِ،


= المتولي والرافعي ولا ينبغي خلاف، وقد صرح بذلك الصيمري في شرح الكفاية وألحق الفارسي في تعليقه علم المنطق بعلم الكلام، وقد جعله الغزالي في الإحياء منه فقال: والمنطق هو بحث عن وجه الدليل وشروطه ووجه الحد وشروطه وهما داخلان في علم الكلام.
(١) كلمة فارسية بمعنى: العلماء.
(٢) رواه الحسن بن سفيان في مسنده, وفي أربعينه من حديث ابن عباس، وروى من رواية ثلاثة عشر من الصحابة. أخرجها ابن الجوزي في العلل المتناهية، وبين ضعفها كلها، وأفرد ابن المنذر الكلام عليه في جزء مفرد قاله الحافظ في التلخيص.
(٣) قال النووي: وقيل: يصرف إلى مرتكبي الكبائر من المسلمين، إذ لا شبهة لهم والله أعلم.
قال في الخادم: إن كلامهم على هذه الصورة يقتضي صحة الوصية للمذكورين، وهو لا يلائم قولهم إنه يشترط في الوصية لجهة عدم المعصية، وقد تفطن لذلك صاحب الاستقصاء فقال: ينبغي ألا تصح لهم الوصية لما فيها من المعصية كما لا تصح لقاطع الطريق.
(٤) وعصام بن يوسف هذا حنفي، وقضيته أن أبا إسحاق رواه لا من جهة عصام، وليس كذلك ففي تعليق القاضي أبي الطيب: سمعت الماسرجسي يقول: سمعت أبا إسحاق المروزي بمصر يقول: رأيت في رواية عصام عن الشَّافعي أنه قال: إذا أوصى للفقراء لم يدخل المساكين بخلاف العكس. قال القاضي: وهذا أصح، والمشهور الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>